وروي عن ابن مسعود (رضي الله عنه) أنه قال: "تعلموا القرآن والحج، فإنه من دينكم".
والعلم أمام العمل، والعمل تابع، وهو أولي بالتقدم، لأنه الأصل والدليل، ولا تحصل معرفة العبد نفسه، ومعرفة معبوده، وما يجب عليه من آداب عبادته إلا بالعلم.
فأهم الأمور إذن؛ طلب العلم الحصول خيري الدنيا والآخرة، قال الله تعالي: " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب".
فإذا عرف العبد ربه، وأنه مستحق للعبادة، وعرف كيف يؤدي العبادة التي يستوجب بها رضا سيده، ويسلم بها من سخطه - أقبل على العمل بما أمره به، والانتهاء عما زجره عنه.
وأما من لا يعرفه نفسه، ولا يعرف ربه، ولا ما أمره به، ولا ما نهاه عنه - فهو متحير في نية الضلالة؛ لا يهتدي لصلاحه سبيلا.
أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، والحمد لله على ما أولي، وهدي، وأنعم، وأعطي، ورحم، وآوي، وصلي الله على رسوله محمد النبي، وآله، وسلم تسليما.
القول الثاني
(في فضل العلم، وفضل طالبه، ولزوم تعليمه
وبيان ذلك)
قال الله تعالي: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" قيل معناه: هل من طالب علم فيمان عليه؟ وقال النبي صلي الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل حالم (1)" وقال: "اطلبوا العلم ولو بالصين (2)"، قال: "عليكم بالعلم؛ فإن أحدكم لا يدري متي يختل إليه" أي يحتاج إليه، و (الخلة: الحاجة).
والمعني في ذلك - والله أعلم -: أن النبي صلي الله عليه وسلم؛ أمر المؤمنين أن يستعدوا لما يعينهم من العمل؛ قبل أن يعينهم إشفاقا منه عليهم؛ قبل أن يقعوا في ما لا يجوز لهم؛ فيهلكوا من حيث لا يشعرون.
Page 15