وإن قال له: إني لست بفقيه، والفقيه غيري، فإن أحببت أن نأخذ برأي، فرأي كذا وكذا- فإنه يضمن علي هذا القول، حتى يقول: سل غيري ولا تأخذ برأي.
وأما الذي تقبل منه الفتيا بالرأي، فأخطأ في فتياه- فقول: يضمن، وقول: لا يضمن وعليه التوبة، إذا لم يكن فقيها من يجوز له أن يقول بالرأي، وقول: حتى يقول: إن هذا قول المسلمين- ثم حينئذ يضمن.
ومن كان من أهل الاجتهاد، فاجتهد، وأفتي برأيه، فخرج رأيه من جميع أقاويل أهل القبلة - أنه لا يضمن، وإنما يضمن من لم يكن من أهل الاجتهاد؛ إذا خرج بقوله عن جميع أهل القبلة، وعلى هذا: الإثم إلا أن يتوب.
وأما من كان من أهل الرأي، فأفتي بشيء مجتمع على خلافه، وتخطئته، أو محرم في كتاب الله أو في سنة رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -)، أو اجتمعت الأمة على تحريمه، وتخطيه قابله - فإنه يضمن.
وإذا لم يكن في هذا الحادث حكم من أحد هذه الثلاثة الأصول؛ وإنما فيه اجتهاد من الفقهاء، فأفتي هو بغير ما أفتوا [به] فهو سالم.
وأما إن كان من غير أهل الرأي- فإنه يضمن؛ إذا خالف أقاويلهم؛ إذا كان هو ليس من أهل الاجتهاد.
ورفع نجاد بن منذر: في الذي يحكم بغير الحفظ، أو يفتي أنه لا يهلك؛ حتى يخرج من اختلاف جميع الأمة. على قول بعضهم.
وقال أبو محمد (رحمه الله): من أفتي بفتيا، أو أخطأ، ولم يخرج من جميع قول الفقهاء من المسلمين، والمخالفين كلهم لم يكن عليهم ضمان.
وقيل: إن الملائكة تلمن الذي يفتي بما لم يعلم، و [أن] أضعف الناس أعجلهم في الفتيا، والله أعلم.
Page 114