وأفرضهم في علم المواريث "زيد بن ثابت"، وأعلمهم بالحلال والحرام "معاذ بن جبل"، وأصدقهم لهجة "أبو ذر الغفاري"، وأقرأهم للقرآن "أبي بن كعب"، و "عبد الله بن عباس" أعلمهم بتأويل القرآن.
وأمين هذه الأمة "أبو عبيدة بن الجراح" وصاحب سر رسول الله صلي الله عليه وسلم "حذيفة بن اليماني".
وعليكم يهدي ابن أم عبد - يعني عبد الله بن مسعود- ، و "عمار بن ياسر" لا يضل، و "الزبير بن العوام" حواري هذه الأمة.
وكثير من الصحابة غير المذكورين مخصوص كل واحد منهم بفضيلة، وكذلك التابعون لهم.
والعلماء من بعدهم، كل واحد منهم صرف همته إلى فن من فنون العلم: فمنهم من برع في علم الفقه، والفتوى في الأحكام، ومعرفة الحلال، والحرام.
ولهذا الفن- أيضا - فنون كثيرة، وضروب مختلفة، وهذا يفوق في فن منه، وهذا يفوق في فن آخر منه، ومنهم من يفوق في علم النحو، والعربية، والصرف، وشبه هذا، ومنهم من يفوق في تعبير الرؤيا، ومنهم من يفوق في علم الفلك، ومنهم في علم الطب، ومنهم في علم التفسير، وتاريخ الأمم، وأحاديث الماضين، وقصصهم، وأخبارهم، ومنهم في حفظ القراءات، وتجويد القرآن، وتلاوته وحفظه.
وأجل هذه العلوم وأنفعها، عاجلا وآجلا - معرفة الله تعالي، ومعرفة حدوده، والعمل بما أمر الله، والانتهاء عما زجر عنه.
وهذه العلوم كلها ثمرتها العمل، والعمل على قدر نية العبد، وإرادته؛ فمن أراد به وجه الله، وطلب به رضاه؛ فهو موفق سعيد، ومن أراد به غير الله؛ فهو حجة عليه، وذلك كله بتوفيق الله، وتأييده وإرشاده وتسديده " والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم".
وقيل: إن القرآن أصل العلوم كلها، وجامعها ومستنبطة منه؛ لما روي أن النبي (صلي الله عليه وسلم) قال: "إن القرآن فيه علم الأولين والآخرين، وفيه علم من كان قبلكم، وما يكون بعدكم؛ فمن عرب عنه شئ فليتنور القرآن من أوله إلى آخره؛ فإنه يجد فيه ما يشفيه".
Page 14