وأما ما كان من الإدعاء على الله في الدين، والعداوة والولاية، والحلال الذي أحله الله، والحرام الذي حرمه الله؛ فإذا اختلف فيه الفقهاء؛ فقال بعضهم: هذا حلال من الله، وقال بعضهم: هذا حرام من الله، وقال بعضهم: هذا كفر، وقال الآخر: هذا إيمان؛ فإن الاختلاف يوقع بينهم البراءة، ويقطع ولاية بعضهم من بعض.
ولا تحل ولاية المختلفين على هذه الصفة؛ فمن جمعهم في الولاية [وهم] على هذا [الاختلاف] هلك.
وعند هذا: يجب تكليف العلم على الجاهل؛ إذا قامت عليه الحجة بالحق في ذلك - لزمه قبوله، وتحرم عليه ولاية المخطئ من هذين المختلفين في دين الله.
فإذا قامت عليه الحجة بهلاك المخطئ، وإيمان المصيب لزمه قبولها؛ وإن ردها يجهل - هلك، وصار بمنزلة من جهل ما كلفه الله علمه من الجاهلين.
فصل:
وأما الخطأ في الرأي: فعلي وجهين: أحدهما يجوز، والأخر لا يجوز.
فأما الذي لا يجوز: فالرأي فيما لا يسع جهله لا يجوز أن يشك فيه، وذلك حرام لا يسع، أو فيما قد علم أنه من دين النبي (- صلى الله عليه وسلم -)، فلا يسع الشك فيه؛ بعد العلم.
والوجه الآخر: يجوز فيه الرأي فيما سوي ذلك مما يقول [فيه] الرجل: أري كذا وكذا، مما يسعه أن يراه، ولو كان الأمر علي غير ما رأي- لم يكن عاصيا، ولا آثما، لأنه أخبر بما أنه يراه، وهو صادق في ذلك.
فصل:
سئل أبو محمد (رحمه الله): هل يجوز للإنسان أن يقبل الفتيا من غير الولي. إذا كان ثقة، أو كان من أهل الدعوة، او كان لا يعرف قوله ولا علمه إلا أنه ثقة-؟ قال: لا تقبل الفتيا إلا من أهل العلم، والدين.
وأما قبول الرفيعة- إذا كان الرافع ثقة، وكان ضابطا بنقل الفتيا- فجائز قبول رفيعته، إذا كان من أهل الرأي.
Page 106