ضَلَالُهُ أَعْظَمَ مِنْ ضَلَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِذَا قَالَ: أَنَا أَعْتَقِدُ وُجُودَهُ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ أُولَئِكَ: نَحْنُ نَعْتَقِدُ أَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ لَهَا شَفَاعَةٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ، وَلَا يَضُرُّهُمْ (١)، وَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ كِلَيْهِمَا (٢) يَدْعُو مَنْ لَا يَنْفَعُ دُعَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ اتَّخَذُوهُمْ [شُفَعَاءَ] (٣) آلِهَةً، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: هُوَ إِمَامٌ مَعْصُومٌ، فَهُمْ يُوَالُونَ عَلَيْهِ، وَيُعَادُونَ عَلَيْهِ كَمُوَالَاةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى آلِهَتِهِمْ، وَيَجْعَلُونَهُ رُكْنًا فِي الْإِيمَانِ لَا يَتِمُّ الدِّينُ (٤) إِلَّا بِهِ، كَمَا يَجْعَلُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ آلِهَتَهُمْ كَذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ (٥) تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ - وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾،