Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genres
والدليل على صحة ما يقول أهل الإسلام أن هذه الأجسام /50/ محدثة، والمحدث لا بد له من محدث، ومحدثها ليس إلا الله تعالى.
وهذه ثلاثة أركان، أما الركن الأول وهو أن هذه الأجسام محدثة فقد خالف في ذلك ما تقدم ذكره من الفلاسفة وغيرهم، فإنهم اتفقوا الجميع على أنها حاصلة في الأزل، وهذا هو معنى القدم، وإن أطلقوا لفظ الحدوث بمعنى أنها حصلت من غيرها.
لنا أنها لم تحل من الأعراض المحدثة، ولم تتقدمها، وما لم يحل من المحدث ولمن يتقدمه فهو محدث مثله، وهذه الدلالة مبنية على أربع دعاوي، وهي أن في الجسم أعراضا هي غيره، وأنها محدثة، وأن الجسم لم يحل منها وإن ما لم يخل من المحدث ولم يتقدمه فهو محدث مثله.
أما الدعوى الأولى وهي أن في الجسم أعراضا هي غيره فالخلاف فيها من جهتين: إحداهما في هل ثم أمور زائدة على الجسم أم لا. والثانية في هل تلك الأمور أحوال فقط أو أحوال ومعاني تؤثر فيها.
الجهة الأولى: ذهب الجمهور من الناس إلى أن ثم أمور زائدة على الجسم، وخالف بعض الفلاسفة والأصم وحفص وهشام بن الحكم.
لنا أن الأجسام اتفقت في الجوهرية والتحيز والوجود، ثم افترقت في الحركة والسكون والاجتماع والافتراق، فلا بد أن يكون لنا ما اقترفت فيه أمرا زائدا على ما اتفقت فيه وإلا كانت متفقة مختلفة في أمر واحد وهو محال.
وبعد فالأجسام متماثلة، وحصولها في الجهات يتضاد، والمتضاد غير المتماثل لا محالة، وبعد فالأجسام ثابتة مستمرة، وحصولها في الجهات يتجدد ويتبدل، والمتجدد غير المستمر لا محالة.
وبعد، فإذا حرك أحدنا الجسم بعد سكونه علمنا ضرورة انه قد حصل أمر لم يكن، ومحال أن يكون هو الجسم لأنه غير مقدور لنا، ولأنه موجود قبل التحريك.
Page 76