Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genres
وبعد، فلا تعلق لهم في ظاهرها؛ لأنه لم يقل ليضلهم؛ ولأن الضلال عند الخصم لا يكون بإيتاء الزينة بل بخلق الكفر فيهم؛ ,لأنه لو كان كما قال الخصم لم يستحقوا أن يطمس على أموالهم لأنهم قد فعلوا ما لأجله أعطوا إياها، والمعنى أن موسى عليه السلام قال ذلك على وجه التبعيد أي ما آتيتهم لأجل ذلك كما يقول الرجل بعبده: أكرمتك وربيتك لتعصيني وتخالف أمري، أي ما أكرمتك لذلك، بل لضده، ويدل على صحة هذا المعنى أن موسى إما أن يقول ذلك إخبارا لله تعالى به، وهو محال؛ لأنه كيف يخبره بما يعلمه وعلى جهة الاستفهام، وهو أيضا محال، إذ لا صيغة للاستفهام، ولأنه كان لا يجوز أن يقول ربنا اطمس على، وهو مستفهم عما لأجله أتاهم، ويجوز أن تكون لام العاقبة أي وعاقبتهم ذلك.
ومنها: قوله: {وأضله الله على علم}.
والجواب: لم يقل وأضله عن الدين، وجائز أن يريد الهلاك أو العذاب أو الحكم أو التسمية أو الوجدان كما تقدم، ويدل على صحة هذه المعاني أن الله جعل ذلك جزاء على كونه اتخذ إلهه هواه.
ومنها قوله: {يثبت الله الذين آمنوا..} إلى قوله: {ويضل الله الظالمين}.
والجواب: لم يقل يثبتهم، بخلق الثبات فيهم، ويضل بخلق الضلال، وهو المتنازع.
والمعنى: يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا بالإلطاف والإعانة، وفي الآخرة بالثواب لأجل القول الثابت، كما قال: يهديهم بإيمانهم، لأجل إيمانهم، ويهلك الضالمين، يدل على صحة هذا أنه جعل ذلك جزاء.
ومنها: قوله: {قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا}.
والجواب: لم يقل يمدهم في الضلالة، والمعنى يمد له في العمر، أخبارا بذلك عن حلمه، وأنه لا يعاجل بالعقوبة، وليرتدع من يرتدع، ولتتأكد الحجة على المصر، ويجوز أن يكون المعنى يمد له من العذاب كما قاله في آية آخرى.
ومنها قوله: {إن الذين آمنوا ثم كفروا..} إلى قوله: {لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا}.
Page 357