283

Kitāb Minhāj al-Muttaqīn fī ʿilm al-kalām (liʾl-Qurashī)

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

Genres

Qur’an

وأما الأصل الثاني وهو أنها لو لم تكن من فعلنا لما وجبت فيها هذه القضية فدليله أنها لو كانت من فعل الله لجرت مجرى الصور والأولوان والأمراض وحركة المرتعش ونحو ذلك مما علمنا أن العلة في تعذره أنه لا يقف على أحوالنا بل يوجد، وإن كرهناه ويعتقد وإن أردناه وكذلك أفعال غيرنا لما لم تكن من فعلنا لم تقف على أحوالنا.

فإن قيل: ما أنكرتم أن يوجد الله أفعالكم عند قصودكم /188/ ودواعيكم بمجرى العادة. قلنا: كل شيء طريقه العادة يجوز اختلافه، فكنا نجوز وقوعها وانتفاؤها ولا صارف بأن تختلف العادة كما في الصحة والسقم وغيرها، وبعد فلو كان كلك لكنا نجد أنفسنا مدفوعة إليها وخلافه معلوم، وبعد فلو جوزنا أن يكون من فعل غيرنا وإن وجدت بحسب أحوالنا لجوزنا أن تكون من فعل غير الله وإن وجدت بحسب أحواله.

فإن قالوا: الساهي والنائم لا داع لهما ولا قصد، فيجب أن لا تكون أفعالهما منهما.

قلنا: أما أبو الحسين فلا يتوجه إليه هذا، وأما الجمهور فلهما عندهم داع مقدر وقصد ، ولا يمتنع قيام التقدير مقام التحقيق في هذه الصور، ألا ترى أنه لا يمكن تقدير وقوف أفعال غيره على أحواله، وبعد فما ذكره عكس وهو غير واجب في الأدلة اتفاقا، فأكثر ما فيه أن هذه الطريقة لا يتنا ولهما، فنحن نستدل بغيرها فنقول: فعلهما يقف على قدرهما فيقل بقلتها ويكثر بكثرتها، وعلى الأسباب الصادرة منما، ولهذا فإن النائمين يتجاذبان الثوب، فيستبد به أكثرهما قدرا.

طريقة أخرى في هذه المسألة قد ثبت أن العقلاء يستحسنون ويعلمون حسن الأمر والنهي بهذه الأفعال، ويعلقون بها المدح والذم ويعلمون بكمال عقولهم قبح تعليق ذلك بالصور والألوان والطول والقصر ونحوها، فلولا أنها من فعلنا لما تعلق بها شيء ولما وقع فصل بينها وبين الصور.

واعترضوه بأن قالوا: ألستم تحمدون الله على الإيمان وهو من فعلكم.

Page 288