158

Minhaj Muttaqin

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

ويبطله أنه لو كان تعالى موجودا لمعنى لكان ذلك المعنى لا بد أن يكون موجودا، فإما أن يحتاج إلى معنى فيتسلسل أو لا يحتاج، فالله تعالى أحق بأن لا يحتاج إلى معنى، والإجماع واقع قبل هؤلاء على أنه تعالى لا يحتاج في وجوده إلى مؤثر، وأنه واجب الوجود من ذاته، بل قد وافق أكثر الملحدة، /107/ وكذلك وافقت المجبرة في استغناء صفات العلل عن المعاني لكن جعلوا العلة في هذا الاستغناء استحالة قيام المعنى بالمعنى لا وجوبها، وليس بصحيح لأنه إنما يستحيل قيام المعنى بالمعنى إذا فسر القيام بالحلول، فإما بالتفسير الذي يريدونه في هذه المسألة فلا يستحيل قيام المعنى بالمعنى.

طريقة آخرى:

هذه المعاني إما واجبة الوجود من ذاتها وهو باطل بالاتفاق، وإلا كانت آلهة، وإما ممكنة الوجود من ذواتها فيلزم أن تكون محدثة؛ لأن كل ممكن الوجود من ذاته هو مسبوق بالعدم ولا يترجح وجوده على عدمه إلا المؤثر، وهذا هو أصل دليل المخالف على حدوث العالم وإثبات الصانع، فلا يسعهم إنكاره.

وأما ما ذكره الرازي في كتاب الأربعين من أنها ممكنة الوجود من ذاتها واجبة الوجود من غيرها فهو زلل وضلالة؛ لأنه كيف تكون واجبة الوجود من غيرها، وذلك الغير ليس بمؤثر فيها عندهم، وأيضا فهي ليست بأعيان لله، وأيضا فهذا يقدح في حدوث العالم وإثبات الصانع بأن يقال له: هلا كان العالم قديما وإن كان ممكن الوجود من ذاته لصدوره على جهة الإيجاب، وهلا كانت العقول والأفلاك صادرة عن ذات الباري تعالى كصدور هذه المعاني، ويقال أيضا: إذا كانت الذات أوجبت هذه المعاني عندك، فهلا قلت بأن الذات أوجبت الصفات واسترحت من التكليف لإثبات المعاني لا سيما وفي ذلك مشابهة للقائلين بالعقول والأفلاك.

Page 162