Minhaj Muttaqin
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
Genres
قلنا: ليست هذه أسماء المدرك، وإنما هي اسماء لمن جمع بين آلة الإدراك وبين المدرك طلبا لإدراكه سواء أدرك أم لا، وإن سلمنا أنها من أسماء المدرك فإنما هي أسماء لمدرك مخصوص وهو المدرك بالحاسة كما في المباشر والمتعدي.
قالوا: لا طريق إليها إلا حكمها، وهو كونها طريقا إلى العلم، وهذا لا يصح في حقه تعالى؛ لأنه عالم لذاته.
قلنا: إنما يستدل عليها لحكمها إذا لم تكن معلومة بنفسها، وهذه موجودة من النفس، وإن سلمنا أنها لا توجد من النفس فالطريق إليها مقتضتها وهو كونه حيا لا ما ذكرتم.
فصل
إذا ثبت كونه تعالى مدركا فهو مدرك لجميع المدركات. وقال أبو القاسم بن سهلويه: يدركها إلا الألم واللذة.
لنا أن كونه حيا مع المدركات على سواء.
قال: كان يجب أن يسمى ألما وملتذا. قيل له /98/ معارض بالشام والذائق واللامس. والتحقيق أن الألم والملتذ اسم لمن يدرك الألم واللذة بمحل الحياة فيه مع الشهوة والنفرة، وذلك مستحيل في حقه تعالى.
فصل
قد علمت بما سلف أن هذه الصفة مقتضاة عن كونه حيا، والذي يختص هذا المكان مما يؤكد ذلك إبطال كون الإدراك معنى، وقد خالف أبو علي وأبو الهذيل والبغدادية والصالحي وصالح قبة والأشعرية، إلا أن الأشعرية يثبتونه معنى شاهدا وغائبا، وهؤلاء الشيوخ يثبتونه معنى في الشاهد فقط.
لنا: أن هذه الصفة تقترن صحتها بوجوبها وإلا انفتح باب الجهالات وارتقعت الثقة بالمشاهدات، فكان يجوز أن يكون بين أيدينا فيلة ونحوها، ولا ندركها بأن لا يخلق الله الإدراك فينا أو بأن لا نفعله نحن؛ لأنه مقدور لنا عند البغداديين، ومعلوم أنا نعلم بالضرورة أنه لا فيل بحضرتنا، وهذا العلم يستند إلى أنه لو كان لرأيناه ولا ينقلب علينا في العلم الحاصل عند المشاهدة، فيقال: يلزم صحة أن نشاهده ولا يخلق الله العلم؛ لأن المشاهدة طريق إلى العلم، فيجب حصوله عند حصول طريقه مع سلامة الحال.
Page 149