ما يخالف عقده هو الحامل لهم على إقامة هذه الطاعات، والتمسك بها من بين أصناف العبادات.
ومنها القيام بما إن أهملوه لم يحتملوا ولاة الأمور عليه، نحو الزكاة التي تلزمهم في مواشيهم وزرعهم وكرومهم وما يظهر من أموالهم، فإنهم لو منعوها لأخذت منهم قهرا، أو انتزعت من أيديهم جبرا، ونحو اجتناب الكبائر التي بها الحدود. فإن السلطان قائم بأمر الله تعالى جده على كل نفس بما كسبت تردعها عن السيئات وتحول بينهما وبين الموبقات، فمن واحد يقتله، وآخر يقطعه، وثالث يجلده، ورابع يجبسه، وخامس ينفيه ويعذبه، ولولا ذلك لانهمكوا في هذه الجنايات انهماكهم فيما لا حد له فيه من أصناف الخطيات، ولهذا قال بعض السلف: "ما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن "، وقيل: لابد للناس من وزعه، وهم الولاة وعمالهم لأنه لولا مكانهم لأكل الناس بعضهم بعضا، وعطلت الحقوق وانتهكت الحرمات، فعم الصلاح بمكانهم واعتدل النظام بحسن قيامهم.
ومنها إعراضهم عن الحرمات التي لا يشتهونها ولا تميل إليها قلوبهم، وتنكرها نفوسهم كلحم الخنزير والميتة والدم ونكاح الأم والبنت والأخت فإن كل غرض يكون لأكل لحم الخنزير في أكله فهو حاصل له في غيره ولا فائدة في لذة أو منفعة تكون فيه إلا ومثلها أو أكثر منها موجود في اللحوم المحللة، ثم إنها على كثرتها واختلاف طعومها تزيح علة القرم، وتقضي شهوة المطعم، فلا يبقى معها إلى لحم الخنزير حاجة، ولا نفع إليه ضرورة، وأما الميتة والدم فإنهما لخبثهما ورجاستهما لا يشتهيان، ولو كانا محللين لكانا يتركان، فكيف وهما محظوران ومحرمان! وأما نكاح المحارم فإن في القلوب النفار منه والكراهة له لما فيه من هتك الحرمة ومجانبة الحياء والشبه بالبهائم.
1 / 8