============================================================
حين عوتب في أمر ولده ؛ إذ لم يترك لهم من الدنيا شيئا قال : (لقد خلفت لهم "سورة الواقعة")(1): ومن ذلك الأصل في السنة جرث هذه الخصلة في سير علمائنا رحمهم الله تعالى(2) ، وإلأ .. فلا مبالاة بحمد الله تعالى بشدة في أمر الدنيا أو سعة وهم الذين يغتنمون ضيق الدنيا وعسرها، ويتغالؤن بذلك فيما بينهم(3) ، ويعدونه من الله تعالى منة عظيمة ، ويخافون إذا بدا لهم سعة من الذنيا التي لا يعدها أكثر الناس إلا الإحسان والنعمة أن يكون ذلك الضيق والشدة استدراجا من الله تعالى ومصيبة ، كيف وبطانتهم الطي والأسفار في عموم أحوالهم(2)، ومقدموهم يقولون : الجوع رأسن مالنا ؟!
فهذا وضع مذهب أهل التصوف ، وهو مذهبي ومذهب أشياخي، وبذلك جرت سيرة سلفنا.
وأما تقصير بعض المتأخرين : فلا يعتبر به، وإنما ذكرنا هذذا الفصل لئلا يغمز فيهم مخالفك، جهلا منه بمقاصد القوم في أمورهم، أو يغلط فيه مبتدىء سليم الصدر لم يأخذ من العلم حقه فيقول : كيف يليق هذذا بحال أهل الزهد والتجود وأرباب الصبر والرياضة ولم يعلم أن هلذا شيء مأخوذ من الشنة؟1 ثم المقصود : حصول القناعة والعدة ، لا آتباغ الشره والشهوة ، والضعف عن احتمال العسرة والشدة، وأكثر ما ترى في عقيب ذلك قناعة في القلب ، وفقذ كلب الجوع وضعفه، وسلؤه عن الطعام ونهمته، وقد علم ذلك من امتحنه، فاعلم هلذه الجملة موفقا إن شاء الله تعالى:
Page 231