Minhag al-ʿabidin

Al-Ghazali d. 505 AH
167

Minhag al-ʿabidin

منهاج العابدين

Genres

============================================================

قلث أنا : وإذا كان مدار أمر العبودية على الأمرين : القيام بالطاعة ، والانتهاء عن المعصية، وذلك لا يتم مع هلذه النفس الأمارة بالشوء إلا بترغيب وترهيب ، وترجية وتخويف ؛ فإن الدابة الحرون تحتاج إلى قائد يقودها ، وإلى سائق يسوقها، وإذا وقعت في مهواة فريما تضرب بالسوط من جانب ، ويلوخ لها بالشعير من جانب آخر ، حتى تنهض وتتخلص مما وقعث فيه ، وإن الصبي العرم(1) لا يمد إلى الكتاب إلأ بترجية من الوالدين ، وتخويف من المعلم..

فكذلك هلذه النفس دابة حرون، وقعت في مهواة الدنيا، فالخوف سوطها وسائقها، والرجاء شعيرها وقائدها، وإنها الصبي العرم، يحمل إلى كتاب العبادة والتقوى، فذكر النار والعقاب تخويفه، وذكر الجنة وثوابها ترجيته وترغيبه ، ولذلك يلزم العبد الطالب للعبادة والرياضة أن يشعر النفس بالأمرين اللذين هما : الخوف، والرجاء، وإلأ.. فلا تساعده نفسه الجموح على ذلك، وبهذا المعنى أتى الذكر الحكيم بمجموع الأمرين : الوعد والوعيد ، والترغيب والتهديد، وأبلغ في كل منهما ، فذكر من الثواب الكريم ما لا صبر عنه، وذكر من العقاب الأليم ما لا صبر عليه.

فعليك إذن بالتزام هذين المعنيين يحصل لك مرادك ، ويسهل عليك احتمال المشقة، والله تعالى وليك التوفيق بفضله ورحمته.

فإن قلت : فما حقيقة الرجاء والخوف وحكمهما ؟

فاعلم : أن الخوف والرجاء عند علمائنا رحمهم الله تعالى يرجعان إلى قبيل الخواطر، وإنما المقدور للعبد مقدماتهما قالوا : والخوف رعدة تحدث في القلب عند ظن مكروه يناله، والخشية نحوه، للكن الخشية تقتضي ضربا من الاستعظام والمهابة، وضد الخوف الجراءة ، وللكن قد يقابل بالأمن ، فيقال : خائف وآمن ، وخوف وأمن ؛ لأن الآمن الذي يجترىء على الله سبحانه وتعالى ، والحقيقة أن الجراءة تضادآه

Page 201