117

============================================================

قال القونوي: وما أفسد استدلالهم بقوله تعالى: ({ فى البقعة المركة من الشجرة) [القصص: 30] على أن الكلام خلقه الله في الشجرة فسمعه موسى منها، وعموا عما قبل هذه الكلمة، فإنه تعالى قال: فلما أتكها نودع من شلطي الواد الأيمن) [القصص: 30]، والنداء هو الكلام من بعد، فسمع موسى عليه الصلاة والسلام النداء من حافة الوادي، ثم قال: في البقعة المبكركة من الشجرو) [القصص: 30]، أي النداء كان من البقعة المباركة من عند الشجرة كما تقول: سمعت كلام زيد من البيت، يكون البيت لابتداء الغاية لا أن البيت هو المتكلم، ولو كان الكلام مخلوقا في الشجرة لكانت الشجرة هي القائلة: يكمومى إن أنا الل [القصص: 30] ولو كان هذا الكلام بدأ من غير الله لكان قول فرعون: أنا ريكم الاقل) [النازعات : 24] صدقا، إذ كل من الكلامين عندهم مخلوق، وقد قاله غير الله، وقد فرقوا بين الكلامين على أصلهم الفاسد أن ذلك الكلام خلقه الله في الشجرة، وهذا كلام خلقه فرعون، فحرفوا وبدلوا واعتقدوا خالقا غير الله، وقد قال الله تعالى: { هل من خلق غير الله [فاطر: 3] .

فإن قيل: قال الله تعالى: إنه لقول رشول كرير) [التكوير: 19]، وهذا يدل على آن الرسول أحدثه، إما جبريل عليه السلام أو محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم.

قيل: ذكر الرسول معرفا لأنه مبلغ عن مرسله، لأنه لم يقل إنه قول ملك أو نبي، فعلم أنه بلغه عمن آرسله به لا أنه أنشأه من جهة نفسه؛

Page 117