============================================================
ثم اتجه إلى الفقه، وكان سبب ذلك ما ذكر الإمام زفر عن الإمام رحمهما الله تعالى، قال: سمعت آبا حنيفة يقول : كنت أنظر في الكلام حتى بلغت فيه مبلغا يشار إلي فيه بالأصابع، وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان، فجاءتني امرأة يوما، فقالت: رجل له امرأة، أراد أن يطلقها للسنة، كم يطلقها؟ فأمرتها أن تسأل حمادا ثم ترجع فتخبرني، فسألت حمادا، فقال: يطلقها وهي طاهرة من الحيض والجماع تطليقة ثم يتركها حتى تحيض حيضتين بعد الحيضة الأولى، فهي ثلاث حيض، فإذا اغتسلت فقد حلت للزواج. فرجعث فأخبرتني، فقلت: لا حاجة لي في الكلام، وأخذت نعلي فجلست إلى حماد، أسمع مسائله، فأحفظ قوله، ثم يعيدها من الغد فأحفظ ويخطىء أصحابه، فقال: لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير آبي حنيفة. (كما في عقود الجمان لمحمد بن يوسف الصالحي ص 162) .
ال وبما أن الكلام هنا عن الإمام الأعظم هو في موضوع "أصول الدين"، فلن أقف طويلا في بيان مكانته من الفقه، وكون الناس عالة عليه كما قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما طلب أحد الفقه إلا كان عيالا على أبي حتيفة، وما قامت النساء على رجل أعقل من أبي حنيفة. ولا أقف عند الحديث عن صلاحه وتقواه ومحاسن آخلاقه وجوده وسخائه وشحه بدينه ولو كان في ذلك حتفه.
وقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: إن أبا حنيفة من العلم و الورع والزهد وايثار الاخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضرب بالسياط ليلي للمنصور فلم يفعل، فرحمة الله عليه ورضواته.
Page 10