============================================================
غرس ثلاث مثة ودية، وتعهدها حتى تثمر، وأربعين أوقية ذهبا، ثم أخبره صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمر أصحابه أن يعينوه بالودي، فأعانوه به، ثم وضعه صلى الله عليه وسلم بيده، فما مات منها واحدة، بل آثمرت كلها في عامها وفي رواية: فوقعت منها واحدة، فقلعها صلى الله عليه وسلم وأعادها، فساوت البقية، فأداها، وبقي عليه الذهب، فجاء للنبي صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة دجاجة من ذهب من بعض المعادن، فأعطاها له، فقال : وأين تقع هلذه مما علي ؟
قال : " خذها، فإن ألله سيؤدي بها عنك " فوزن لهم منها أربعين أوقية(1) .
ومن أوصافها أيضا أنه (سبحت بها) آي: في راحته صلى الله عليه وسلم (الحصباء) أي: الحصى، كما رواه البزار والطبراني في " الأوسط" وغيرهما: أنه صلى الله عليه وسلم كان عنده آبو بكر وعمر وعثمان، فقبض حصيات فسبحن في كفه حتى سمع لهن حس كحس النحل، فناولهن أبا بكر، فسبحن في كفه كذلك، ثم عمر كذلك، ثم عثمان كذلك ، ثم أخذها الحاضرون فلم تسبح مع أحد منهم(2).
قال الحافظ شيخ الإسلام العسقلاني : (ليس لحديث تسبيح الحصى إلا طريق واحدة، مع ضعفها لكنه مشهور عند الناس)(3) اه نعم؛ أخرج البخاري من حديث ابن مسعود : كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيح الطعام(4) وفي " فتح الباري" عن " الشفا " : (أنه صلى الله عليه وسلم مرض، فأتاه جبريل بطبق فيه رمان وعنب، فأكل منه فسبح)(5).
تتبيه: تسبيح الجماد كالطعام والحصى معناه : أن الله تعالى خلق فيه اللفظ الدال على التنزيه حقيقة، خرقا للعادة، ومع ذلك إضافة التسبيح إليه مجاز؛ لأن اللفظ إنما يضاف حقيقة لمن قام به (1) سيرة ابن هشام (220/1)، وعيون الأثر(80/1).
(2) مسند البزار (4044)، المعجم الأوسط (1266) (3) انظر "فتح الباري" (592/6) (4) البخاري (3566).
(5) فتح الباري (592/5)، وانظر "الشفا"(ص 374).
Page 292