255

Minah Makkiyya

Genres

============================================================

وسلم يعيش عيش الفقراء، ويأتي عليه الشهران لا يوقد في بيته نار، وربما ربط الحجر على بطنه الشريف من شدة الجوع، وجاءه سبي، فسألته فاطمة في خادم يكفيها مؤنة بيتها ، فأمرها أن تستعين بالتسبيح والتكبير والتحميد، وقال : "لا أغطيك وأدع أفل الصفة تطوى بطونهم من الجوع "(1) .

وإذا علمت اتصافه صلى الله عليه وسلم بهذه الأوصاف الجليلة التي لم يوجد مثلها ولا ما يقاربها في مخلوق غيره. علمت أن من الواجب على كل من عرف ذلك أن يقول لمن لم يعرفه حق معرفته:

لا تقس بالشي في الفضل خلقا فهو البخر والأنسام إضاء (لا تقس) من: قست الشيء بغيره : قدرته على مثاله؛ أي : لا تشبه (بالنبي) الموصوف بما ذكر وهو نبينا صلى الله عليه وسلم (في الغضل) الجامع لتلك الصفات، بل ولا في كل وصف منها على حدته؛ لأن كل وصف من أوصافه وصل فيه الى غاية لم يلحقه مخلوق فيها (خلقا) نبيا أو ملكا أو غيرهما؛ أي : لا تعتقد أن مخلوقا يساويه أو يقاربه في وصف من أوصاف كماله؛ لما مر أول الكتاب في شرح قوله : (لم يساووك في علاك...) إلخ.

(فهو) لا غيره (البحر) الجامع لكل وصف من أوصاف الكمال، البالغ إلى النهاية فيه (والأنام) هو كما في " القاموس" : (كسحاب، والأنام - بالمد - والأنيم كأمير: الخلق، أو الجن والإنس، أو جميع ما هو على وجه الأرض) اه والمراد هنا : الأول ، بدليل قوله الاتي : (في العالمين) ، (إضاء)- بالكسر والمد - جمع أضاة كقناة، وهي: الغدير، ويجمع أيضا على أضى كقنى، وشتان ما بين البحر والغدير، ففيه مراعاة النظير، وكيف لا و "فتح الباري "(517/1) أن الرواية المرسلة عند ابن أبي شيبة.

(1) اخرجه بنحوه الضياء في المختارة" (465)، واحمد (79/1)، والبيهقي في الشعب" (3480

Page 255