249

Minah Makkiyya

Genres

============================================================

فكأن الفمامة أشتودعته من أظلث من ظله الدففاء (ف) بسبب محو نوره الظل الحسي على ما مر.. صار صلى الله عليه وسلم هو الظل المعنوي المعظم على جميع أتباعه، حتى (كأن الغمامة) لما أظلته قبل النبوة إرهاصا وتأسيسأ لما سيصير إليه أمره.. أعلمته بأنها (استودعته) الأمة بأسرها، للكن أصحابه بلا واسطة، وهم : الدففاء، ومن بعدهم بواسطة استمداد الأولين من ظله وإمدادهم لمن بعدهم من ذلك الظل، فالذين بواسطتهم (من) أي : الذين (أظلت) هم (من) بعض (ظله) الأعظم (الدففاء) جمع داف، كعلماء جمع عالم، وهم جيوشه، سمي الجيوش بذلك ؛ لأنهم يدفون نحو العدو؛ أي: يسيرون إليه لدفعه واستنصاله وحاصل الجواب : أن ذلك التظليل الذي كان قبل النبوة كان لحكمتين: احداهما: الارهاص كما تقرر وثانيتهما: إعلامه صلى الله عليه وسلم بما سيؤول آمره إليه: من أن الله سيجعل له أمة اكثر الأمم، وأنهم قرون متفاوتون، وأن كل قرن مستمد من القرن الذي قبلهم، وأن الكل مستمدون وممدون من ظله صلى الله عليه وسلم، فسائر القرون مستمدون من أصحابه، وأصحابه مستمدون وممدون من ظله، وحينثذ فلا تنافي بين محو نوره الظل وبقاء الظل مع نوره عند تظليل الغمامة له ؛ لأن المحو هو الأصل المستمر، والبقاء إنما كان على خلاف الأصل؛ للحكمتين المذكورتين : إحداهما: الارهاص والثانية : الإعلام له بعموم ظله المعنوي على الأمة من أولهم إلى آخرهم فتأمل ذلك فإنه مهم ، بل انغلق معنيى هذا البيت على الشارح فقال : إنه وجد هذا البيت في نسخة وإنه غير مفهوم المعني، وسبب انغلاقه عليه جعله الضمير المفعول في : (استودعته) ل( الظل) لا يقال: بل ما قاله من رجوعه ل( الظل) يتضح به المعنى، لكن إن جعلنا (الدففاء) الطيور.. يكون في البيت حينئذ التلميح إلى قصة هي : أن الطيور كانت تظل الأنبياء قبله كداوود وسليمان، بل بني إسرائيل، وظللنا عليهم الغكم} وحينيذ فكأنه يقول : الغمامة لما أظلته ..

Page 249