238

Minah Makkiyya

Genres

============================================================

هفوة تنافي الحلم إلا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يزيد على كثرة الأذى إلا صبرا، وعلى جهل الجاهلين - وإن بلغ الغاية - إلا حلما، ولقد قالت عائشة رضي الله عنها : (ما رأيته منتصرا من مظلمة ظلمها قط إلا أن تكون حرمة من محارم الله)(1)، أي: المتعلقة به تعالى، كما مر ذلك مبسوطأ في شرح قوله: (لا تحل البأساء منه عرى الصبر) ومنه قصة الأعرابي الذي جذبه بردائه حتى أثر في عنقه الشريف وقال له: أعطني من مال الله ، لا من مالك ولا من مال أبيك، فقال صلى الله عليه وسلم : "ألمال مال الله وأنا عبده" ، ثم طلب منه القود فقال : لا، قال : "لم ؟ " قال : لأنك لا تكافىء بالسيئة السيئة، فضحك وأمر له بحمل بعيرئه ومر في قصة اليهودي الذي أسلم: أن من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم أن حلمه يسبق غضبه، وأته لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ولما دخل في غزوة فتح مكة على قريش وقد أجلسوا في المسجد الحرام وأصحابه ينتظرون أمره فيهم من قتل أو غيره. . قال لهم : 9 ما تظنون أني فاعل بكم ؟" قالوا : خيرا ، اخ كريم، وابن اخ كريم فقال : " أقول لكم كما قال أخي يوسف : لاتثريب عليكم اليوم) ، اذهبوا فأنتم الطلقاء"(2) .

وسع العالمين علما وحلما فهو بخة لم تغيه الأغباء (وسع) بالكسر (العالمين) جمع عالم، وللمحققين فيه في الاية كلام منتشر، لا بأس بتلخيصه وتحريره هنا، وهو مع اشتقاقه من العلامة: اسم لما يعلم به كالخاتم : اسم لما يختم به مع كونه مشتقأ من الختم، ثم غلب فيما يعلم به الخالق تعالى، فصار اسما لكل ما سواه تعالى من الجواهر والأعراض، فإنها لإمكانها وافتقارها إلى مؤثر واجب لذاته. تدل على وجوده، وجمع ليشمل ما تحته من (1) أخرجه أبو بكر الحميدي في مسنده "(260) (2) أخرجه البيهقي في " السنن الكبري" (118/9)، وابن جرير الطبري في ل تاريخه " (1013

Page 238