كان يسير ابو عبدالله على رأس تلك القافلة ممن اصطفاهم الله إلى الشهادة التي لم يجد وسيلة غيرها تحفظ لشريعة جده مما كان يخططه لها الحزب الاموي الحاكم الذي سخر جميع طاقات الامة وامكانياتها وفئاتها للقضاء عليها.
كان يسير إلى الشهادة ومن حوله عشرون شابا او اكثر من بنيه واخوته وأبناء أخيه الحسن السبط عليه السلام وأبناء اخته بطلة كربلاء وشريكته في الجهاد والتضحيات وأحفاد عمه عقيل بن أبي طالب وما اسرع ان كبر قائلا : الله اكبر ، ولم يكن الموقف موقف تكبير فلا بد وأن يكون تكبيرة لأمر ما أو لهم من همومه أراد ان يستنجد عليه بالله سبحانه وإذا كان للتكبير روعته مهما كانت دوافعه وأسبابه فما احسب أن تكبيرا في تلك الساعة كان له من الروعة ما كان لتكبير الحسين عليه السلام وهو منطلق في تلك الصحراء المديدة إلى الهدف الاسمى والغاية العليا تحت سماء العراق الصافية. على رأس ذلك الركب كبر الحسين فكانت تكبيرة لم يعرف التاريخ تكبيرا اكثر منها دويا ، تكبيرة اقتحمت تلك البيداء ومضت من صعيد إلى صعيد تهز النفوس وتثير الضمائر الحية وتحض على الظالمين والعابثين بتراث محمد ورسالته.
وما كان لعلي الاكبر ابن العشرين الذي كان يسير الى جنب ابيه إلا ان يسأل أبال لم كبرت يا أبتاه؟ فقال له : لقد خفقت خفقة فعن لي هاتف وهو يقول : القوم يسيرون والمنايا تسير في اثرهم فعلمت ان نفوسنا نعيت الينا.
لقد كان جواب الحسين لولده موجزا وبكلمة واحدة لا مواربة فيها ولا تمويه انه الموت ينتظرنا على الطريق وسوف نموت ولا نستسلم للطغاة ولا نهادن الجور والتسلط على عباد الله والمستضعفين في الأرض ، مع انه لا سبيل لنا إلى استنهاض ثورة عارمة تدك عروش اولئك الطغاة
Page 55