Min Naql Ila Ibdac Tanzir
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
Genres
الفصل الثاني: تنظير الموروث
أولا: الخصائص العامة للفكر الشيعي
ليس بمحض المصادفة أن يقع الفكر الفلسفي الشيعي في «التراكم الفلسفي» في «تنظير الموروث» وليس في «التأليف»، «تمثل الوافد» أو «تمثل الوافد قبل تنظير الموروث» أو «تمثل الوافد مع تنظير الموروث» أو حتى في «التراكم الفلسفي»، تنظير الموروث قبل «تمثل الوافد» أو «الإبداع الخالص». مما يجعل للفكر الشيعي خصائص معينة تجعله يقع في نوع أدبي خاص «تنظير الموروث» دون الاعتماد على الوافد. يكفي الواقع السياسي من ناحية والموروث الأصلي، القرآن، من ناحية أخرى.
1
وهي حلقة مفقودة لم ينتبه إليها مؤرخو الفكر الفلسفي الذين انتقلوا مباشرة من الفارابي (339ه) إلى ابن سينا (428ه) باستثناء ذكر أبي الحسن العامري (381ه) وكأن الفكر الفلسفي قد انتقل من الفارابي إلى ابن سينا مباشرة عبر قرن من الزمان دون تطور. في حين أن الفارابي كان معاصرا لأبي حاتم الرازي (331ه) وأبي يعقوب السجستاني (331ه)، والكرماني (411ه) كان معاصرا لابن سينا (428ه). وكان إخوان الصفا وهم من الإسماعيلية من قبل هم حلقة الاتصال بين الكندي (252ه) والفارابي؛ إذ تدل الشواهد على أنها ظهرت حوالي (270ه) أي في النصف الثاني من القرن الثالث. وقد كان أبو سليمان السجستاني هو الشخصية الرئيسية في «المقابسات» لأبي حيان التوحيدي (403ه). ومع ذلك فالتقابل ليس حادا بين الفكر الفلسفي الجامع بين تمثل الوافد وتنظير الموروث والفكر الفلسفي القائم على تنظير الموروث فحسب. كما لا يمكن أن يقال إن هذين الخطين يمثلان الفكر الفلسفي السني والفكر الفلسفي الشيعي لأن ابن سينا هو الذي قام بالعرض النسقي المنطقي وقدم بناء الفلسفة.
2
وهو شيعي إمامي اثنا عشري. وإخوان الصفا من الإسماعيلية. والفكر الشيعي متأخر عن الفكر السني بقرن من الزمان، من الكندي (252ه) حتى النسفي (331ه).
وربما كان أحد أسباب مؤامرة الصمت في تاريخ الفكر الفلسفي السني هو أن مفكري الشيعة كانوا من الثوار الذين استشهد معظمهم في ثورة 331ه. كانوا من المعارضين للسلطان، استمرارا في ثورة الأئمة من آل البيت. كان يمثل فكر المعارضة وليس فكر السلطة، يعبر عن الواقع السياسي العريض ضد استئثار فرقة واحدة بالسلطة السياسية هي فرقة أهل السنة. كانوا يمثلون الفرق الهالكة الاثنين والسبعين ضد الفرقة الناجية؛ أهل السنة والجماعة.
3
لم يأخذوا خلعا أو صررا من السلطان. ولم يكونوا في معيته؛ بل كانوا ينتقدون فقهاء السلطان وفقهاء الحيض والنفاس المأجورين المستوزرين، فلاسفة البلاط ومنشدي وعازفي الآلات للأمراء وأطباء الخلفاء وزينة المجالس.
Unknown page