Min Naql Ila Ibdac Talif
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
Genres
28
وبعد البسملة في البداية والحمدلة في النهاية، وتظهر العبارات الإيمانية، مثل: والله المستعان، وبه الحول والقوة.
29 (ج) وفي «مبحث عن القوى النفسانية» يذكر ابن سينا أفلاطون ثم أرسطو وأسقليبوس والقرآن، في الفصل السادس في تفصيل القول في الحواس الخمس وكيفية إدراكها.
30
ذكر أفلاطون وأرسطو في سياق واحد من أجل التوفيق بينهما في موضوع البصر؛ فقد اختلف الفلاسفة في إدراك القوة المبصرة؛ شعاع من العين إلى الشيء عند أفلاطون، أو شعاع من الشيء إلى العين مثل انطباع الصورة في المرايا وهو رأي أرسطو. وهناك رأي ثالث بالتقاء الشعاعين، القوة المتصورة والمحسوسات المرئية. ويؤيد ابن سينا رأي أرسطو، وينقد رأي أفلاطون ببراهين عقلية وتجريبية تتشكك في وجود هذا الشعاع ومكانه، خاصة وأن أفلاطون ينكر وجود الخلاء. في حين أن الفارابي قد أخذ الرأي الثالث، الشعاع المزدوج، ومقابلة العين بالشيء. وقد لا يذكر أرسطو صراحة لأنه هو الحقيقة، ويذكر تعريفه للنفس دون اسمه ثم تكملة تعريفه بعبارة شارحة تخرجه من مصطلحاته وأحكامه العقلية إلى معان طبيعية حية يعرفها كل الناس، ويحيل الفكر من الخاصة إلى العامة. وبالرغم من وصف كل من أرسطو وأفلاطون بأنهما فيلسوفان، إلا أن ابن سينا ينتسب إلى أرسطو دون أفلاطون، إلى الواقعية والموضوعية والعلم دون المثالية والذاتية والإشراق؛ لذلك يحاجج ابن سينا أفلاطون. فلو كان الشعاع من العين إلى الشيء لما احتاج البصر إلى الضوء الخارجي، ولأدرك في الظلمة، وأنار الهواء. ولو كان هذا الشعاع بالعين لكان خروجه محالا، ولو بجسم غير العين فلا بد له من حامل، وهو وهم. وهذا الجسم إما أن ينبعث من العين وهو الافتراض الأول الواقعي؛ وبالتالي لا يبصر كل ما تحت السماء؛ لأن الجسم لا ينفذ في الجسم إلا إذا نقل الجسم الجسم، ولا يمكن القول بالخلاء لأن أفلاطون ينكره، أو أن يبصر الجسم الجسم المقابل له مثل الماء، أو أن يكون الجسم متوسطا بين الذات والموضوع ليقوم به الضوء. وكلما كان الجسم أقرب إلى العين كان الضوء أقوى؛ فلا حاجة إذن إلى جسم متوسط. ثم ينقد ابن سينا الرأي المتوسط الثاني، القوة المتصورة التي تلاقي بذاتها المحسوسات المبصرة لأنها كانت في الحس؛ فإنها لا تختلف كثيرا عن أفلاطون. وأين يتم هذا التلاقي، في العين أم في الشيء أم بينهما في الخلاء أو الملاء؟ وعيوب هذا الرأي الثاني أنه لا يفرق بين الغائب والحاضر، بالإضافة إلى تعطيل الخلقة والتركيب للعين؛ ومن ثم لم يبق إلا صحة رأي أرسطو طبقا لبرهان الخلف.
31
ويتم التزاوج العضوي بين اليونان والقرآن، بين «اعرف نفسك بنفسك» عند سقراط، وتحويلها إلى «من عرف نفسه فقد عرف ربه»، من البعد الأفقي إلى البعد الرأسي، من الوعي الحال إلى الوعي المفارق، لا فرق بين أقوال الحكماء وأقوال الأنبياء، بين الوافد والموروث؛ مرة إيجابا «من عرف نفسه فقد عرف ربه»، ومرة سلبا «من عجز عن معرفة نفسه فأخلق به أن يعجز عن معرفة خالقه»؛ مرة بلغة ما هو كائن، ومرة بلغة ما ينبغي أن يكون؛ مرة بتقرير الوجوب، ومرة بطريقة الأولى. إنما الفرق بين الأوائل والأواخر هو الفرق بين العقل والوحي، بين الحكماء والأولياء. والوحي ليس خاصا بالمسلمين، قد يكون أيضا عند يونان. وليس بمستبعد أن يكون الوحي قد هبط على أسقليبوس؛ فقد كتبت هذه العبارة «اعرف نفسك يا إنسان تعرف ربك» في محراب هيكله، وهو يعتبر عند اليونان من الأنبياء ومشهود له بالمعجزات، قدرته على شفاء المرضى بصحيح الدعاء، وكذلك قدرة من تكهن في هيكله من الرهبان، ومنه أخذت الفلاسفة علم الطب. وهو نفس المعنى في المخزون النفسي عند ابن سينا من الموروث الأصلي
نسوا الله فأنساهم أنفسهم . لا فرق بين المسلم والمسيحي نظرا لقول المسيح «ماذا ستربح لو كسبت العالم وخسرت نفسك؟» إنما الخلاف بين الحكماء والأنبياء في أولوية العلة والمعلول. عند الحكماء، الأولوية للإنسان «من عرف نفسه فقد عرف ربه»، وعند الأنبياء تتداخل أولوية الله مع أولوية الإنسان
نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، وهو الفرق بلغة العصر بين العلمانية والدين، بين العقل والإيمان، بين اليونان والقرآن. ويستشهد ابن سينا بالآية تأييدا لنفس المعنى، من نسي ينسى، ومن ذكر يذكر. القرآن والحديث أصل الوافد، رافدان في التأليف معه، خاصة وأن أقوال العلماء والحكماء والأولياء والأوائل في الأنبياء عند الأنا وعند الآخر متشابهة، وتتلاقى على أهمية موضوع النفس كمقدمة لمعرفة الله، إنما الخلاف في العلة والمعلول، عند الحكماء العلة للنفس والله هو المعلول، وفي القرآن العلة لله والنفس هو المعلول، في حين أن الفعل أيضا، فعل النسيان أو التذكر، للإنسان أولا. القرآن والحكمة إذن متفقان، لا فرق بين الوافد والموروث. يؤكد الوافد على الإيجاب، الذكر، في حين يؤكد الموروث على السلب، النسيان. كما تظهر ألفاظ الموروث، مثل الإلهي، الوحي، الأنبياء، المعجزات، أكثر من ألفاظ الوافد. ولا فرق بين الإسلام والمسيحية، بين معجزات الأنبياء والأولياء ومعجزات المسيح والحواريين والرهبان، بين الطب العلمي والطب النبوي. وقد جمع الفلاسفة بين النوعين من الطب.
32 (د) وكتاب «القانون في الطب» لابن سينا من نوع تمثل الوافد قبل تنظير الموروث.
Unknown page