243

Min Naql Ila Ibdac Tadwin

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال

Genres

والإلهيات قليلة لأن المنطق والطبيعيات مثاليا الطابع. فهي إلهيات مقلوبة، إما إلى الداخل في المنطق أو إلى أعلى في الطبيعيات. فالحق لا يكون إلا واحدا. وإذا كانت العلوم سبعة فأولها العلم الإلهي. وهو علم عقلي ضروري مجمع عليه بلا طلب أو فحص. ثم الفلسفة والجدلي والحسي، والخامس الشرعي، علم الأعيان والشرائع وما يلزم الإنسان من طاعات باريه فيما أمر به ونهى عنه في دينه واختيار الأفضل، ثم الطبيعي والصناعي. والاستدلال على معرفة الخالق بالخلق كما هو الحال في أدلة وجود الله عند المتكلمين.

وقد تتم الإفاضة في وصف الله، الله الملك الحق، ألا له الصدق، المسمى بصفات الإشراق، المقصود بالاتفاق، القديم، علة العلل، مفشي مبادئ الحركات، الأول، خالق الأضداد ليظهر قوته، متجاوزا حدود العقول والأفهام، منعوت الذات، مدرك الصفات، سبحانه مفيض العناصر، تقدست أسماؤه، وعلا قدره، نور الأنوار، زمان الأزمان، الدهر الداهر، سبحانه وتقدس، قدوسا قدوسا، ولي الخير، وعلى كل شيء قدير. هو الرب جل اسمه، له الحمد والشكر.

ولا يشار إلى جوهر الباري جل وتعالى بشيء سوى أنه هو لخلو اللفظ من التجزئة في الزمان. ولا يمكن معرفة جوهر الباري جل وعز بما هو به، بل بما هو ليس به كما هو الحال في آيات السلوب واللاهوت السلبي عند المتكلمين. لا يوصف الباري إلا أنه هو وهو، لا تدرك له غاية، ولا يعرف له مبدأ ونهاية. لا يوصف بغير الهوية، جل جلاله لا إله غيره. ومع ذلك فله نعوت فلسفية مثل المطلق غير المحصور، القائم بذاته علة لذاته، لا بنوع ولا بحال ولا بصفة بل بجوهره فقط. صفاته من ذاته. والإنسان متناه والله غير متناه. والجود أول صورة أبدعها الله عز وجل هو خير محض. لا يشوبه شر ولا عدم. اختص به العقل الفعال. وقيل إنه الجوهر الأول، فاعل بجوهريته، وجوهره لم يزل فعله، قديم الصفات بقدم الذات. وقيل العكس، الجوهر وجوب باضطرار العقل وليس بالمفعول. وهو تحول لقضية قدم الصفات وحدوثها بين الأشاعرة والمعتزلة من الكلام إلى الفلسفة. وليس الباري قوة واحدة أو قوى كثيرة، بل إنيته كل قوة من جهة المبدعات لا من جهة ذاته. هو عقل وعاقل ومعقول دون تركيب أو تعدد، الواحد المتكثر بلا نهاية وبلا نهاية لوحدته. الفعل له نهاية والجوهر بلا نهاية.

51

وبطبيعة الحال تظهر نظرية الفيض التي يجتمع فيها أفلاطون وأرسطو، أفلاطون الإشراقي وأرسطو الطبيعي كما هو الحال عند أفلوطين وفي الأفلاطونية المحدثة. فمن عالم الربوبية أخذت النفس العفاف والفضل، ومن عالم العقل أخذت الفكر والتمييز والصور الروحانية. ومن عالمها أخذت الحياة والحركة. ومن عالم الطبيعة أخذت الجسم الهيولاني. وهو العالم الأصغر بتعبير إخوان الصفا مما يدل على أن الانتحال متأخر عنهم. وحدوث الصور الروحانية المختلفة الأشكال يكون بإذن الله عند مطابقة العقل النفس. والأشياء كلها مملوءة من الدلالة على قدرة الباري. وقد قدر الباري للدنيا مدة، وطبع أهلها على الحرص والحاجة. ولولا هذا لما كثر النسل ولا عمر الحرث. وحياة الطبيعة ملازمة لصلاح الجسد، وحياة الفلسفة ملازمة لفرح العقل. فالهرب من الأول تشبها بالباري في فعل الخير بحسب طاقة الإمكان.

52

والنفس إحدى منفعلات الباري، سببها، ولم يحبط قواها، ولم يرد فعلها، مما يجعل الشخص يستحق الانتصاب في الشرائع وأوامرها. وسبب كمال الشخص أن يكون خالص النية. وتقدمة المعرفة هو علم النفس الناطقة بما سيحدث وخروج ما هو بالقوة إلى الفعل عند أفلاطون. والربوبية موجودة في كل جزء من أجزاء العالم كما صرح بذلك في «طيماوس»، في الحيوان الناطق العاقل المشابه للباري بما فيه من العفاف والشرف والفضل. فالأخلاق هي الرباط بين الإنسان والله. وعطية العلم هبة من الله عز وجل لا تنفد وكاملة. والدعاء لله وحده دون الإشراك به. ولا يعبد علة العلل إلا نبي أو فيلسوف مبرز. وهي تحرك الأشياء بسكونها، وتمسك نظام العالم. ولا يلحق به برهان لأن البرهان لا يكون إلا للأجزاء. وهي نظرة صوفية تنكر الأدلة العقلية، ولا تعتمد إلا على شهادة القلب.

53

وتظهر بعض التعبيرات الإسلامية مثل: الله والباري عز وجل، جل وعلا، تعالى وتقدس، عز وجل، تبارك وتعالى، جل جلاله، جل وتعالى، عز ذكره، أجل ذكره، جل ثناؤه، سبحانه، تعالى ذكره، تبارك اسمه.

54

Unknown page