Min Naql Ila Ibdac Tadwin

Hasan Hanafi d. 1443 AH
193

Min Naql Ila Ibdac Tadwin

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال

Genres

9

وهل صحيح أن سولون جد أفلاطون الفعلي، أم أنها قرابة روحية، خاصة وأن كليهما صاحب نواميس؟ كلاهما صوفي. الله تبارك وتعالى ليس له نهاية. ومن وصاياه ضرورة الاتفاق على التفاني لله سبحانه وتعالى. ولما كان سولون مشرعا فإن أقواله في العصور المتأخرة تشير إلى الجور وفساد قلوب العباد.

10

وعند باسيليوس وهو أحد الملوك الأربعة الذين أخذوا الحكمة من هرمس الأول أننا نقصد بأكلنا وشربنا شكر الله. ولا نقصد بصومنا وصلاتنا شكر الله إذا كان قصدنا بفعل ذلك شيئا آخر. وهو ما يفيد معنى أن الأعمال بالنيات. وآمون الملك الحكيم الذي ملك على كثيرين لم يترجم من حكمه شيء. دعا إلى تقوى الله، ولكنه كان مدافعا عن الملك وعن الفلاحين في نفس الوقت. وهم كيمياء الأرض. وهو تعبير شرقي مثل ملح الأرض في الأناجيل. فمن قدح في الملك يضرب عنقه. وكان في شريعته قطع يد السارق، وقتل قاطع الطريق أو حرقه بالنار. تعهد أمر المجوس، ومنع سجن المظلومين. وكان يعتمد على المشورة ضد الانفراد بالرأي. ومنع المعاقبة على صغار الذنوب، واكتفى بالاعتذار. والبدء بالنفس قبل البدء بالغير، وهي كلها وصايا إسلامية أصبحت شاملة لكل إبداعات الحضارة القديمة.

11

ويعطي ذوقاليون عشر خصال تكرر أنماطا مثالية للأخلاق الصوفية عن الشكر والصبر والصداقة. ولا يهم من قائلها أو إذا كان له وجود تاريخي بالفعل، بل القول ومدى تعبيره عن الفلسفة الخالدة.

12

وتكشف الأقوال المتأخرة لزيمون الشاعر عن شاعر صوفي يدعو إلى شكر الله تعالى، وطاعة الله تعالى، وتقوى الله تعالى، ويدعو إلى تزيين السرائر حتى يحسن الله العلانية طبقا لحديث الرسول؛ ويحذر من عصيان الله، ويدعو إلى الخوف منه، ويكثر بالقسم بالله والحلف بالله العظيم.

13

وأخذ فيثاغورس الحكمة من سليمان بمصر حين دخل عليها من الشام. وأخذ الهندسة عن المصريين. وعاد إلى اليونان حاملا معه الهندسة والطبيعة والدين. وأضاف الألحان وادعى النبوة. امتحنه أماسيس ملك مصر حتى ثبت ورعه وعلمه. وأعطاه سلطانا على الضحايا للرب «تعالى». ولم يعط ذلك لغريب قط. ووضع كهنوتا يقربه إلى الله «تعالى». وإذا كان الله «سبحانه» هو سبب وجودنا وخالقنا، فإن النفوس ينبغي أن تكون منصرفة إلى الله «تعالى». الفكرة لله، ومحبتها متصلة بالله. ومن أحب الله عمل بمحابة ليقرب منه وليفوز بالنجاة. الضحايا والقرابين كرامات لله «تعالى ذكره». والأقوال الكثيرة في الله «سبحانه» علامة تقصير في الإنسان عن معرفته. هنا تتحول قراءة التاريخ إلى «أسلمة التاريخ». وكان يرمز بالحكمة. ومات مقتولا كما يروي الشهرزوري أسوة بأستاذه السهروردي. فالعظمة في الشهادة، والإجلال في التضحية، والخلود في الموت. وكتب عنه الشهرزوري أكثر مما كتب عن هرمس، نسبه وأسرته، بطريقة المؤرخين العرب. ويذكر أكثر من رواية عن حياته، وكأنها حكايات صوفي أو إشراقي. وتذكر له مجموعة من الأقوال المتفرقة التي لا رابط بينها في السياسة والجنس. وهو نقطة الاتصال بين الشرق والغرب، بين النبوة والحكمة.

Unknown page