274

Min Naql Ila Ibdac Sharh

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع

Genres

Aporia

والحضارة الإسلامية تبدأ بالمصطلحات أي باللغة. تبدأ المصطلحات عند الجمهور، في لغة الحياة اليومية ثم تصبح مصطلحات عند الخاصة، أسماء منقولة أو مشتقة مثل الجوهر.

وتظهر خصائص اللسان العربي وعاداته وأمثلته مثل «عنز أيل» و«عنقاء مغرب» كتصورات في الذهن وليست كموجودات في الخارج.

كما يظهر الأسلوب العربي في ضرب الأمثلة بزيد وعمرو للإشارة إلى أي إنسان في موضوع الماهية والوجود، وأن محمدا هو ابن عبد الله على تكون اسم من اسمين. وتظهر بعض اللازمات الأدبية مثل «لعمري»، «باطل وأي باطل.» ويشار إلى اللسان العربي في مقابل اللسان اليوناني. فبينما جرت عادة اليونانيين بتسمية الشيء المتكون باسم مشتق مثل «خشبي» وليس أرضي ولا سمائي. وهذا النحو من التعليم ساقط في زماننا لأن هذه الدلالة لا توجد في لغتنا إنما يظهر ذلك في اللسان العربي في الأعراض والفصول. فلا تقول العرب إن بعض الحيوان نطق بل إنه ناطق. فالصورة غير الموضوع. ولا نقول عن الجسم بياض بل أبيض، وقد تحمل الأجناس على الأنواع فنقول الصندوق خشب، والإنسان حيوان. بل إن تعليم اللغة ساقط «في زماننا» لأن النحويين يتبعون أساليب خارج اللسان العربي في النسبة والأسماء المشتقة.

24

وتذكر البيئة الجغرافية الإسلامية مثل جزيرة الأندلس.

25

وزمان العصر «زماننا» و«وقتنا». وينتقل ابن رشد من المكان والزمان اليوناني إلى المكان والزمان الإسلامي. فقد ظن بطليموس أنه توجد حركة بطيئة لفلك البروج عن الحركة اليومية يتم دورها في آلاف السنين. ورأى آخرون مثل الزرقالي «من أهل بلادنا هذه، وهي جزيرة الأندلس» ومن تبعه منهم أنها حركة إقبال وإدبار. ووضعوا لذلك هيئة تلزم عنها الحركة. كما ينقل ابن رشد الزمان من الزمان اليوناني إلى زمانه. فقد كثرت تعبيرات مثل «في زماننا هذا.» في وجود الإمكان متقدما على الشيء الممكن بالزمان وكما هو الحال منذ قديم الدهر، لكن «أهل زماننا» يضعون الإمكان قبل الفاعل، وينتج عن ذلك عدة محالات في الصنائع الجزئية النظرية. والغلط في هذا المبدأ سبب لأغلاط كثيرة، وهؤلاء القوم من «أهل زماننا» ينفون أن تكون بالإنسان استطاعة وقدرة فتبطل الحكمة العملية، وتبطل الإرادات والاختيارات وجميع الصنائع الفاعلة. ولا يرجع هذا الموقف إلى تحليل نظري بل لتبرير مواقف مسبقة اعتقدوا بصحتها، واتفقوا فيما بينهم عليها، ويريدون تزييف ما يعاندها وإثبات ما يعاضدها. ويقصد ابن رشد الأشعرية التي تريد الدفاع عن العقائد الشعبية باسم الفكر، وعن عقائد السلطان باسم النظر.

26

ويظهر الموروث بطريقة غير مباشرة مثل الإلهيات والتي يسهل فيها تعشيق الوافد في الموروث. فالأسباب للموجودات إما من جهة الطبيعة في العلم الطبيعي أو من جهة الإله في العلم الإلهي والأشياء الإلهية. والقسم الثاني من علم ما بعد الطبيعة في مبادئ الجوهر، وهي الأمور المفارقة. ونسبتها إلى المبدأ الأول وهو الله تبارك وتعالى، صفاته وأفعاله ونسبة سائر الموجودات إليه، وهو الكمال الأقصى، والصورة الأولى، والفاعل الأول. هناك فرق بين الوافد والموروث في الموضوع والتوجه والقصد. الفرق في اللغة والمصطلحات وحدها. وأحرى ما قيل في اسم التام هو المبدأ الأول تعالى إذ إنه هو علة الجميع وليس معلولا لشيء، كماله من ذاته، وجميع الموجودات مستفيدة كلها منه. فهو إذن أتم كمالا. وقد تلطفت العناية الإلهية لاتصال الوجودين أحدهما بالآخر، القوة والفعل. وهو انتقال من الأقل كمالا إلى الأكثر كمالا. وتستفيد الموجودات كلها من المبدأ الأول الذي هو الله تبارك وتعالى. فالعناية الأولى بنا هي عناية الله عز وجل، وهو السبب في سكن الناس على الأرض، وكل خير منه، والشر لضرورة الهيولى. جعلت العناية للحيوان حسا، وللإنسان عقلا، وتتضمن العناية ألا يكون الشر من عند الله بالرغم من أن كل الأمور ممكنة له. وهو أقرب إلى الموقف الاعتزالي الذي ينكر وجود الشر في العالم.

Unknown page