Min Naql Ila Ibdac Sharh
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Genres
والخير والشر هما النافع والضار والحسن والقبيح. ويوجدان بالطبع لا بالوضع. فكل ما يؤدي إلى الغاية فهو خير وحسن، وكل ما يضيف إليه فهو شر وقبيح، وهو ما يظهر في هذه الشرائع وخاصة شريعتنا هذه. وكثير من أهل بلدنا يرون هذا الرأي في شريعتنا هذه.
أما هؤلاء القوم ممن يعرف بالمتكلمين من أهل ملتنا ويعني الأشاعرة فقد قادهم النظر في الشرع إلى القول بأن إرادة الله لا تتعلق بما له طبيعة خاصة، وأن كل شيء جائز وإرادته مخصصة لمراداتها؛ وبالتالي فلا حسن ولا قبح إلا بالوضع، وضع الشرع، ولا غاية للإنسان إلا بالوضع. وقد انتهوا إلى ذلك لتأويلهم للصفات بأن الله قادر ومريد، وأن إرادته جائز أن تتعلق بجميع الجزئيات. فهذا تأويل على الشرع، يصفون الله بصفات ثم يطلبون بعد ذلك موافقة الجزئيات لهذه الصفات دون تناقض معها . وهو قول غير مقنع لا يتعدى القول الجدلي الذي في الشرع بل هو قول سوفسطائي بعيد عن طبيعة الإنسان، ويمنع أن يأتي به الشرع، وهو جزء من آراء الجمهور وليس من الصعب الوقوف على فسادها.
35
ويستعمل ابن رشد لفظ «إلهي» في مقابل «بهيمي» للدلالة على نوعين من الرجال والاحتياجات وعلاقة السيطرة، في القوم ينطلق البهيمي وفي اليقظة بتحكم الإلهي، فالأخلاق والسياسة يقومان على بنية واحدة. وحال وحداني التسلط هو حال من لم ينظر إلى أشرف الأجزاء فيه وهو العقل مثل المجنون والسكران. لا يريد الرئاسة فقط على الناس ولكن على الملائكة لو استطاع لذلك سبيلا. وإذا كان لا أسعد من الملك الفاضل ولا أشر من وحداني التسلط يضع ابن رشد احتمالين أمام الطاغية، إما أن يحصل على القوة العظيمة وإما استخف به. فإن قدر الله له جيرانا يستخفون به تخور قوى الطاغية ويكون أسيرا لهم.
36
ويستعمل ابن رشد آية قرآنية واحدة وحديثا واحدا ومثلا عربيا واحدا؛ الآية في شرح خصائص المدينة الفاضلة، الحجم والسكان. فعظم المدينة لا يكون بالضرورة بحجم سكانها بل ببأسهم
إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين . ويظهر حديث واحد «بعثت للأحمر والأسود.» لبيان انتشار الدعوة للبشر جميعا، وهو مشابه لمذهب أرسطو على عكس أفلاطون والذي يريد تحديد حجم المدينة ومساحتها طبقا لطبيعتها ولطبائع الناس، وتظهر بعض التعبيرات القرآنية الحرة مثل «وليس عليهم جناح» أو «خفض الجناح» مثل أن يقوم الولدان مع الوالدين بما يوجب الشرع من خفض الجناح والاحترام. وربما أسقط المترجم العبري بعض الآيات القرآنية واستبدل بها بعض آيات التوراة. أما المثل العربي فهو «مصائب قوم عند قوم فوائد.» حول الشياع في المنافع والمضار عند أفلاطون.
37
ويظهر تعبير «اللهم» كأسلوب عربي وليس له دلالة دينية معينة، ويبدأ التلخيص بالبسملة وينتهي ابن رشد التلخيص بنداء «أدام الله عمركم وأطال بقاءكم.» وهي «التي ألهمنا الله تعالى إليها بفضلكم أدام الله عزكم.» ويدعو «أعانكم الله على ما أنتم بصدده وأبعد عنكم كل مثبط بمشيئته وفضله.» وينتهي بالحمدلة.
38
Unknown page