Min Naql Ila Ibdac Sharh
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
Genres
وكان طاليس يرى أن النفس مبدأ محرك بذاته. وظن أن المغناطيس به نفس الكل مليء بالآلهة. وكان ديوجانس يرى أن النفس هواء لأنه ألطف من باقي الأجسام ومبدؤها. أما هرقليطس فكان يرى أن النفس هي المبدأ، وهو بخار سائل متحرك. فكل شيء يتكون من بخار ولا توجد أجسام أصلا. أما سقراط فيضرب به المثل فحسب كزيد وعمرو وليس الحكيم. ويحال إلى جالينوس الطبيب لمعرفة موضوع التنفس الذي كتب فيه وهو غير كاف. وحرارة الهواء الخارج من الصدر لا تكون بسبب الرئة فقط. ويظن جالينوس أن الحامض والحار باردان، وأن الحاد أسخن من المر، وهو رأي خاطئ. هنا يشرح الطبيب الطبيب. وهو غير مصيب في تراكيب الطعوم. ويحاول جالينوس عرض ما قيل في طيماوس في أفعال الطعوم. وجدال جالينوس والأطباء الآخرين في كون هذه القوة في هذه المواضع بحجة المصاحبة والموضع الفاعل للظن ليس بحق.
10
يضع ابن رشد أرسطو في تاريخ الفلسفة اليونانية، فمثلا يكون البحث عن طرق الوقوف على حدود الأشياء إما بطريقة البرهان عند هيبقراطس أو بطريقة القسمة عند أفلاطون أو بطريقة التركيب التي أوردها أرسطو، ويقارن بين أفلاطون وأرسطو في محل قوى النفس، فعند أفلاطون الملكة المتعلقة في المخ، والنزوعية في القلب، والطبيعية أي الغاذية في الكبد. ويرى أرسطو أنها واحدة بالموضوع ومتكثرة في القوى، ويشبه أرسطو العقل بخط منكسر لارتباطه بالحس، وأفلاطون بخط دائري لارتباطه بالصورة الخالقة. ويقارن بين نظريتي أنكساجوراس وديموقريطس. ويقارن بين ما قيل في طيماوس الذي لا يختلف كثيرا عن رأي ديموقريطس. في طيماوس تتحرك النفس تحرك الجسم في المكان. ويرفض أرسطو اعتبار النفس جسما حتى ولو كانت جسما كرويا حتى تكون شبيهة بالعقل. وأنكر أرسطو وجود الأشياء العامة خارج النفس كما يريد أفلاطون.
11
وتتفق نظرية أفلاطون في النفس مع نظرية المثل، النفس موجود مفارق مثل المثال وليس موجودا ماديا بالفعل كاليدين.
12
ولكنه جعل في طيماوس النفس من جوهر الأسطقسات وهو غير ما قيل في الجدليات. النفس طبيعة وسطى بين صور مفارقة لا تنقسم وصور محسوسة منقسمة حسب الهيولى، ويشرح ثامسطيوس ذلك بأن أفلاطون يعني بها العقل. أفلاطون في طيماوس، النفس جسم، مقابل فيثاغورس أن النفس صورة، وهي جوهر ينقسم في الجسم مع انقسام الأعضاء. ويتحدث أفلاطون عن قوى النفس العلم والخيال والعقل والنزوع. فالتعلم والتذكر سيان أي التحول من العلم إلى الجهل أو من الجهل إلى العلم، وهو غير صحيح. والخيال مركب من الظن والحس معا، ويختلف العقل عن قدرات النفس الأخرى. وأكبر قول يكون في المبدأ، وأجزاء النفس ثلاثة؛ العقل والغضب والشهوة وهما مظاهر للقوة النزوعية. وأفلاطون هو فيلسوف النفس الأقرب إلى التصور الإسلامي بتمايزها عن البدن وليس أرسطو.
وأرسطو مؤرخ يحصي آراء القدماء في النفس. كما أن ابن رشد مؤرخ يراجع الشراح المسلمين ويهاجم الماديين خاصة أمبادقليس أكثر مما ينقد المثاليين مثل فيثاغورس. يدافع ابن رشد عن موقف أرسطو وأنه لا يقع في التناقض وهو الذي اكتملت الفلسفة فيه. ولا تفصح أحيانا بعض ألفاظه عما يريد التصريح به مما يجعل شرحها ضروريا.
ونظرية أرسطو في النفس أنها تفعل أفعالا بملكات مختلفة وبأعضاء مختلفة رئيسية وفرعية. وتتميز حواس الإنسان عن الحيوان بالنزوع، ويتم الإدراك الحسي عن طريق التوسط، واللون امتزاج جسم مضيء بجسم مشف، وجوهر الخيال حركة الحس بالفعل. ويظهر العقل في البحث في المبادئ. فالخطأ في المبدأ يكون خطأ في النهاية. وهو جوهر يتقبل كل الصور الهيولانية. وهو بسيط سواء كان في الهيولى أو في غيرها، وهو مخالف لطبيعة الهيولى وطبيعة الصورة، ليس جسما ولا ملكة في جسم، ونسبة العقل إلى الخيال كنسبة الحس إلى المحسوس. كماله الأول تهيئته وإعداده. وهو العقل الأخير في ترتيب المفارقات وليس العقل الفاعل. ويصحح ابن رشد ما يروى عن أرسطو أن العقل الهيولاني ملكة مفعولة بالمزاج لأنه بعيد عن قول أرسطو. هو سبب المعرفة وإدراك حركة الأشياء.
13
Unknown page