91

Min Hayy Ila Mayyit

من حي إلى ميت: إلى أخي

Genres

فكما تصفى المياه، وتزداد نقاء في مواظبة تكريرها، هكذا يترقى الناس، وتصفى ضمائرهم في تعاقبهم جيلا إثر جيل.

الرسالة الأربعون1

من حوادث الحياة: كيف أفهم الدين وكيف يفهمه معظم البشر؟

يا أخي:

إني أفهم الدين وأعتقد به أنه الصلة الوحيدة التي تربط الناس بخالقهم، والفكرة السامية التي تزجرهم عن الإثم والمخازي، وتفتح أمامهم طريق الحق والفضيلة.

ليس هو باعتقادي من مستنبطات الحضارة ولا من نتاج التجارب العلمية، بل هو فكرة، نشأت مع الإنسان حين كان همجيا يعيش في الكهوف والمغاور، ولم تزل هذه الفكرة متأصلة في أدمغة الناس في عصر العلم والتمدن، كما كانت في العصور الهمجية السالفة.

وستبقى فكرة الدين مرتكزة في أذهان الناس إلى الأبد، ولا عبرة في تحوير الأديان وتعديلها كلما اقتضى العصر أو البيئة.

ذلك لأنه مهما سينشأ في الكون من الأديان والمذاهب، ومهما تتبدل الشرائع والقوانين، فإن جوهر الدين واحد لا يمس، وما جوهر الدين سوى الصراط المؤدي إلى معرفة الحق.

كانت أديان الأقدمين تحرم القتل والكذب والاختلاس وشهادة الزور، وكل ما ينافي الحق، فاندثرت تلك الأديان، وقام مقامها أديان جديدة أكثر منها سموا بتعاليمها الرائعة، وشرائعها المرتكزة على الوحدة الربانية، ولكنها طبعت على غرار الأديان القديمة من حيث مناصرة الحق ومعاقبة البطل.

يا أخي:

Unknown page