185

Min Hadith Nafs

من حديث النفس

Publisher

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edition Number

الثامنة

Publication Year

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

هؤلاء هم تلاميذك، يقسمون على قبرك الطريّ أنهم ماشون على طريقك، حافظون لعهدك، محامون عن لغة القرآن التي صرمت حياتك كلها تحامي، وتربي المحامين، عنها. وما بحولنا وقوتنا، ولكن بحول الله وقوته وثقة بوعده: ﴿إنّا نَحنُ نزّلْنا الذِّكْرَ، وإنّا لهُ لَحَافِظون﴾؛ فكلما فتحوا للشر بابًا (من تسهيل قواعد العربية أو درس اللهجات العامية) كان هو الذي يسده، وكلّما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله، والظفر للقرآن برغم ما هو خامد من نارهم وما هو «ساطع» (١). يا سادة، لقد صحبت الجندي تلميذًا وزميلًا في التجهيز وفي الكلية الشرعية، وسامرته ليالي طوالًا، وكنت معه في السفر والحضر، وفي نفسي عنه ذكريات ما كشفت لكم إلاّ طرف الطرف منها، ولو أردت أن أسردها كلها لأبقيتكم هنا إلى الصباح. لقد كانت له -على جلالة قدره- أوهام، وهل تعيش الأوهام إلاّ في القلوب الكبار؟ ومن أوهامه أنه لم يكن يطيق أن يزور مريضًا أو يعزّي بفقيد، مخافة أن يسمع باسم الموت. وهذا هو الموت قد نزل به!

(١) يريد ساطع الحصري، إمام القومية العربية. والغريب في سيرة هذا الرجل أنه كان متترّكًا في أول أمره وأصدر مجلة بالتركية وكتب بها كتبًا، ثم تعرّبَ بعد سقوط الأتراك في الحرب الأولى والتحق بحكومة الشريف حسين، ودعا إلى القومية العربية التي جعلها دينًا ضلّ فيه وأضلّ، وألف كتبًا عنها نشرها بالعربية «كان أصدقاؤه يساعدونه في إصلاح لغتها قبل الطبع»! كما يروي صاحب الأعلام (مجاهد).

1 / 198