Min Caqida Ila Thawra Tawhid

Hasan Hanafi d. 1443 AH
86

Min Caqida Ila Thawra Tawhid

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

Genres

والقول بفنائهما ضد المنعم الذي يود النعيم الأبدي وفي صالح المعذب الذي سينقذ من العذاب.

35

ويصعب الجمع بين المحلين عن طريق المشاركة في الصفة وعدم المشاركة. أما كيفية الفناء بالقدرة أم بالطبيعة فذاك نقل لموضوع الطبيعيات من العلل المباشرة والعلة الأولى إلى مستوى الإلهيات.

36

وحرصا على التفرد بالبقاء رأى البعض أن الفناء يجوز على الله ذاته كله أو بعضه، فلا يبقى إلا الوجه،

37

وقد دفع ذلك الأشاعرة إلى إثبات البقاء. لما كان «الله» محلا للحوادث، فإن الحوادث التي يحدثها في ذاته تكون واجبة البقاء، يستحيل عدمها. فلو جاز عليه العدم لتعاقبت على ذاته الحوادث ولشارك في الجوهر. ولو قدر عدمها فإما أن يتم ذلك بالقدرة أو بإعدام يخلقه في ذاته. ولا يجوز بالقدرة لأنه يؤدي إلى إثبات المعدوم في ذاته وشرط الموجود المعدوم أن يكون متباينين لذاته، ولا يجوز بالقدرة من غير واسطة إعدام وإلا جاز حصول سائر المعدومات وجواز طرد ذلك في الموجد حتى يوجد موجد محدث في ذاته وهو محال. وكما كانت الكرامية أفضل رد فعل على وصف «الله» بالقدم فإنها أيضا أفضل رد فعل على وصفه بالبقاء، مما يدل على ارتباط الوصفين معا الثاني والثالث في نسق عقلي واحد. ولا يجوز بإعدام وإلا لجاز تقدير عدم ذلك الإعدام فيتسلسل.

38

فذات «الله» لا تخلو في المستقبل من حلول الحوادث فيه، وإن كان قد خلا منها في الأزل مثل قول أصحاب الهيولى كانت في الأزل جوهرا خاليا من الأعراض ثم حدثت فيها، فهي لا تخلو منها في المستقبل، وهذا يعني أن التاريخ مستمر، وأن الحوادث دائمة الوقوع، وأن «الله» هو الماضي والمستقبل في آن واحد، وأن تاريخ البشرية وحدة متصلة. وكما يحدث الماضي في «الله» كذلك يحدث في المستقبل ويصبح «الله» تاريخ البشرية وسجل تطورها، تقرأ فيه نفسها وتتعرف فيه على ذاتها. تاريخ تصورات الله هو تاريخ تدوين البشرية لذاتها.

وفي حقيقة الأمر أن البقاء من الأضداد، مرتبط بالفناء، ويعرف الضد بالضد كما يعرف الشبيه بالشبيه.

Unknown page