Min Caqida Ila Thawra Tawhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Genres
ثم انتقل التصنيف إلى صفات نفسية وصفات معنوية، الأولى أوصاف والثانية صفات، وهي أولى المحاولات المستقرة لتصنيف الصفات. الصفات النفسية هي أوصاف الذات في نفسها، بينما الصفات المعنوية هي صفات الذات في علاقتها بالغير. الأولى صفات لازمة للنفس دون تعليل بعلل قائمة فيها، في حين أن الثانية أحكام ثابتة للذات المعلل بعلل قائمة بها.
25
وكلاهما يجب «لله»، الأولى مثل عدم التحيز، والثانية مثل العلم. وتسمى الصفات النفسية أحيانا الصفات الوجودية، أي المتعلقة بوجود الذات.
26
وقد كان إثبات الصفات المعنوية خطوة متوسطة بين الذات الخالية من الصفات وإثبات صفات التشبيه، وتسمى الصفات القائمة بالإله في مقابل أوصاف الصانع في ذاته .
27
والسؤال الآن: كيف يتم استبعاد مبحث العلة والمعلول من الصفات النفسية وتبقى غير معللة فيبطل التعليل؟ يبدو أن علم أصول الدين يبدأ في التنازل عن بعض مقدماته النظرية، سواء في نظرية العلم أم في نظرية الوجود، تاركا الأحكام النظرية إلى سيادة الإيمان التقليدي.
ثم يتحول التصنيف لأول مرة في القرن السادس إلى صفات سلبية وصفات ثبوتية. السلبية هي أوصاف الذات الست، والثبوتية هي صفاتها السبع. الصفات السلبية تنفي التشبيه والتجسيم، والصفات الثبوتية التنزيه. وقد يتم ضم التصنيفين السابقين معا وتسمى الصفة الأولى، وهي الوجود، نفسية، والصفات الخمس الأخرى سلبية، مما يدل على أن الوجود تجربة نفسية وأن الصفات الخمس الأخرى تتحدد سلبا وليس فقط المخالفة للحوادث، فالقدم ضد الحدوث، والبقاء ضد الفناء، والقيام بالنفس ضد ليس في محل، والوحدانية ضد الشرك والتعدد. بل إن الصفة النفسية الأولى وهي صفة الوجود هي أيضا نفي للضد وهو العدم.
28
وعلى هذا النحو يمكن الانتهاء إلى أن أوصاف الذات الست كلها سلبية، وأنه لا توجد أية صفة ثبوتية يمكن وصف الذات بها، وبالتالي لا يمكن الحديث عن «الله» إلا سلبا.
Unknown page