Min Caqida Ila Thawra Tawhid
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
Genres
أما إذا اجتمعت الصفات فقد لا تكون بالضرورة أشياء؛ لأن المجموع يعطي كلا جديدا يستطيع أن يتجاوز الصفة المفردة بصفته، وهي عملية شعورية ثانية يكون بها الكل أقوى من الجزء. ولا يمكن أن تكون الصفة إلا شيئا ما دامت تصف ذاتا موجودة. فالشيء موجود والموجود شيء. ولما كان وصف الصفة بالشيء يوحي بالشيئية المرفوضة في التجسيم فهل تكون الصفة معنى؟ المعنى أقرب التصورات إلى التنزيه لأن الشيء يوحي بالجسمية، فالأجسام وحدها هي الأشياء في حين أن المعنى مشخص بل دلالة خاصة.
2
ولما كان المعنى مجردا ذاتيا والذات حسية موضوعية لم يوف المعنى كل حق الصفة. فإذا لم تكن الصفة شيئا أو معنى فهل هي اسم؟ وماذا يعني اسم؟ الاسم هو اختيار إنساني للفظ من اللغة العادية للتعبير به عن مضمون شعوري أو للإشارة به إلى شيء موجود في الواقع إذا تم الاتفاق على ربط هذا الاسم بهذا المسمى. وعلى هذا النحو يكون التوحيد بين الأسماء والصفات انتقال من اللغة إلى الشيء بلا برهان أو من الذات إلى الموضوع دون اتفاق مسبق على تطابق هذه الأسماء مع تلك المسميات.
3
فليس كل عالم عالما بالضرورة لمجرد تسميته باسم عالم، وكل قادر لا يكون قادرا بالضرورة من مجرد تسميته قادرا. هذه المعاني الثلاث لكلمة صفة كأنما تكشف عن صعوبة وصف الذات التي لا يمكن العلم بها. وماذا يعني وصفها بصفات تقريبية؟ هل هذه الصفات تدل على أشياء بالفعل أم تشير إلى مجرد معاني ذهنية لا توجد في الأعيان أم هي مجرد أسماء وألفاظ من اللغة للتعبير بها عن مضمون شعوري وموقف إنساني خالص في ظرف اجتماعي وسياسي معين كنوع من الإبداع الشعري أو الفكري؟ (1) تداخل الأوصاف والصفات
ويميز القدماء بين الوصف والصفة. فالوصف للذات والصفة لآثارها ومتعلقاتها، الوصف لا لمعنى في حين أن الصفة لمعنى، الوصف للوجود والصفة نفي أو إثبات. الوصف للنفس والصفة للمعنى، ومع ذلك يصعب التمييز بين أوصاف الذات وصفاتها. بعض الأوصاف تدخل في الصفات، وبعض الصفات تدخل في الأوصاف، فيتداخلان معا مثل تداخل دليل الوجود (وصف الوجود) وانتفاء الجسمية (وصف القيام بالنفس) مع الصفات المعنوية السبعة.
4
وقد تتداخل بعض أوصاف الذات في مضمون الإيمان مع صفاتها (الواحد، الموجود، الأول، القديم) دون فصل بين أوصاف الذات وصفاتها، والتعرض لمسائل المشابهة والمماثلة والجهة دون التعبير عنها بمقولاتها الخاصة وهي المخالفة للحوادث والقيام بالنفس، بل الاكتفاء بالحديث عن الاستواء وسائر الصفات الحسية المتنازع عليها.
5
وقد تذكر أوصاف الذات مختلطة بالصفات دون وعي تصوري بالتمييز بينها (قديم، موجود، واحد، شيء، نفس)، ورفض التشبيه: (النور، اليد، الساق، الأصبع، المجيء، الذهاب، النزول، الجسم، الاستواء على العرش، المكان، الرؤية)، وعدم استقرار إحصاء الصفات بعد، وإدخال المتفق عليها (ست أوصاف للذات وسبع لصفاتها) مع المتنازع عليها.
Unknown page