Min Caqida Ila Thawra Muqaddimat
من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية
Genres
14
وقد تحتوي بعض المقدمات الإيمانية أحيانا على بيان المناهج الجدلية التي يستعملها المتكلم في عرض موضوعاته وإثباتها والبرهنة عليها؛ وهي مناهج تجمع بين المنطق والأصول والجدل، وأهمها: (أ)
السبر والتقسيم: وهو حصر الأمور في قسمين، وعندما يبطل أحدهما يلزم ثبوت الآخر، وهو مستعمل أحيانا في مناهج البحث عن العلة في علم أصول الفقه.
15
وهو منهج ظني خالص، ولا يوصل إلى اليقين لأسباب عديدة منها؛ أولا: ما الضامن على أن الحصر تام وليس ناقصا؟ ما السبب في أن الأمور تنحصر في قسمين اثنين وليس في ثلاثة أو في أربعة؟ إن القسمة الثنائية ما هي إلا تعبير عن عاطفة دينية في الحق والباطل، والخطأ والصواب، ثم يأخذ المتكلم جانب الصواب ويضع الخصم في جانب الخطأ، وإذا كانت القسمة مستفادة من علم آخر، فما صحة هذا العلم؟ وما هي هذه المقدمات؟ المقدمات إذن ما هي إلا افتراضات مسبقة لم يبرهن عليها بل يتم التسليم بها. ثانيا: لا بد من ترتيب المقدمات على شرط مخصوص وأن يندرج الفرع تحت الأصل استيفاء لشرط الاستغراق، فإن لم يكن الفرع مستغرقا في الأصل استحالت النتيجة، وفي حالة وجود نتيجة فإنها تكون متضمنة من قبل في المقدمات، ويصبح الاستدلال عقيما. ثالثا: ما الدليل على بطلان دعوى الخصم؟ يحتاج المتكلم إذن إلى منهج آخر لإثبات بطلان هذه الدعوى، لماذا يثبت مقدما أن دعوى الخصم باطلة، ودعوى المتكلم صحيحة؟ قد تكون دعوى المتكلم باطلة ودعوى الخصم صحيحة خاصة وأن علم الكلام ما هو إلا محاولات للعثور على أسس عقلية للعقائد، وهي كلها محاولات اجتهادية تخطئ وتصيب. وماذا يحدث لو كانت دعوى الخصم باطلة من وجه وحقا من وجه آخر؟ وما السبب في تصنيف الدعاوى بين الكل أو لا شيء، وكيف يعتمد المتكلم على دعوى الخصم وقد تكون باطلة ولا سبيل إلى التحقق من صحتها؟ رابعا: إن بطلان دعوى الخصم لا يستلزم بالضرورة صدق دعوى المتكلم؛ لأن هذا إثبات الشيء عن طريق نفي الدعوة المضادة، والإثبات عن طريق النفي لا يثبت إلا نفي الضد، ولكن لا يثبت الشيء المراد إثباته؛ لذلك كان «اللاهوت السلبي»
La Théologie Negative
عن طريق نفي الضد هو السائد على «اللاهوت الإيجابي»
La Théologie Positive . خامسا: إذا كان لا بد أن يقوم الخصم بالتسليم بالفرع حتى يثبت الأصل، فما العمل إذا لم يسلم الخصم؟ السبر والتقسيم إذن منهج جدلي لا يثبت شيئا يقينيا ولا يمكن أن يكون منهجا للعلم. (ب)
ترتيب أصلين تلزم عنهما نتيجة، فإذا سلم الخصم بالمقدمتين سلم بالنتيجة.
16
Unknown page