Min Caqida Ila Thawra Iman
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Genres
22
والإمام مستودع العلم الذي لا يعلمه غيره، وهو علم قلبي يقوم على الإلهام، أو هو حاجة نفسية وليس علما نظريا خالصا. والعلم متحد بالشخص، والشخص متحد بالعلم. يعرف العلم بالشخص كما يعرف الشخص بالعلم. وهو علم مجمل في مقابل الوحي كعلم مفصل، له ظهر وبطن؛ وبالتالي في حاجة إلى تأويل.
23
وهو فوق ذلك كله علم مستور لا يعلمه إلا العالمون، علم سري، مستودع في القلوب، لا يكشف إلا لأصحابه أهل العلم. وهو علم موروث لا مكتسب، لا يتوارثه إلا الأئمة، إمام عن إمام حتى الإمام الحالي ، فيكون هو العالم وغيره الجاهل، هو المعلم وغيره المتعلم، هو المتصل بمنبع العلم وغيره لا يتعلمه إلا عن طريقه. قد يبز فيه الإمام علم الرسول بكمه وكيفه؛ فالإمامة متممة للنبوة، وليس على الآخرين إلا التقليد للإمام والتبعية له كما يتبع الأعمى البصير.
24
النبوة مجرد حرف بلا معنى، والولي أو الإمام هو الذي يعطي الحرف معناه.
25
وهو علم واحد لا اختلاف فيه؛ فالاتفاق صحة، والاختلاف بطلان. وعلامة الحق الوحدة، وعلامة الباطل الكثرة. والوحدة مع الإمام، والكثرة مع أعدائه. والجماعة مع الإمام، والمجتمع المضاد مع أعدائه. وهناك علم الميزان يمايز بين الاثنين، مستقى من الشهادة، كنفي وإثبات أو كنفي واستثناء في «لا إله إلا الله». فما يستحق النفي باطل، وما يستحق الإثبات والاستثناء حق. وعلى هذا النحو يمكن وزن الصدق والكذب والخير والشر وكل المتضادات، وقياسها به.
26
والإمام يعلم كل شيء، ما كان وما يكون وما سيكون، لا يند شيء عن علمه، في حين أن الرسول كان كاتبا يعلم اللغات والحروف! ويشمل علمه الأمور النظرية والعملية على حد سواء. قد يأتي علم الإمام من الوحي مباشرة أو قد يأتيه من قبل الإمام السابق. فإن لم يحدث تطابق بين العلم والمعلوم تم اللجوء إلى «البداء»؛ أي حدوث تغير في العلم الإلهي! فالإمامة هنا كالولاية متممة للنبوة ومكملة لها. والعلم واحد، فهو يتناسخ من شخص إلى شخص، يكون في شخص نبوة، وفي شخص آخر إمامة، وفي شخص ثالث ولاية. والحقيقة أن وظيفة الإمام عملية صرفة في سد الثغور والدفاع عن الحدود وتجهيز الجيوش وتحصين القلاع ورد المظالم وأخذ الحقوق. وإن تهاون في التطبيق، ولم يستمع للنصح أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجب عزله؛ فالإمامة ولاية لا بمعنى الصوفية، بل بمعنى الوظيفة؛ أي تأدية الواجبات، وهي مستقلة عن شخص الإمام.
Unknown page