Min Caqida Ila Thawra Iman
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Genres
وما المانع من نفي الرؤية، رؤية الله، ولماذا يكفر من ينكرها؟ وهل الله شيء أو موضوع في مقابل الذات يمكن رؤيته بالعين؟ وهل الله موضوع أم ذات شخص أم مبدأ، شيء أم فكر؟ إن الإنسان لا يرى وعيه، بل يشعر بنفسه، ولا يرى أي وعي خالص، بل يشعر بحضوره ويتعامل معه. هل الله ذات أم موضوع، شخص أم مبدأ، جسم أو تصور؟
38
أما باقي الصفات السبع فإن نفيها أو تأويلها إنما كان حرصا على التنزيه؛ فالعلم ذاته والسمع والبصر إنما هي وسائل للعلم، وليست صفات مستقلة، والقدرة والإرادة ليستا في محل، والحياة ضد الآفات، والكلام مخلوق حتى لا يوصف الصوت والحرف بالقدم. أليس ذلك كله دفاعا عن التنزيه وحرصا من مخاطر التشبيه؟ إن اعتبار الكلام مخلوقا محدثا إنما كان غرضه تنزيه الله عن الحدوث، وإثبات الفعل الإنساني والفهم الإنساني، وتحقيق الإنسان بعلمه للوحي في التاريخ. لقد أرسل الوحي للإنسان وليس لله، وفهمه الإنسان بعلمه، وعبر عنه بلغته، وقرأه بصوته؛ وبالتالي يكون كلام الله هو كلام الإنسان المفهوم والمقروء والمكتوب والمتحقق. أما اعتبار الإرادة حادثة لا في محل، فإن الغرض منه نفي المكانية عنها كما نفيت من قبل عن الذات، ومن أجل إنقاذ الحرية الإنسانية.
39
أما الأسماء فإنه لا يجوز إطلاقها على الله نظرا لما توحي به أيضا من تشبيه يقوم على قياس الغائب على الشاهد.
40
إن الأوصاف والصفات والأسماء كلها إنما هي تدل على الحياة الكاملة بلا آفات أو نقص، تعبر عن الإنسان الكامل باعتباره وعيا خالصا ومتحققا في العالم. (2-2) الوعي المتعين (الصفات)
وكما يتم تكفير أصلي التوحيد والعدل، فإنه يتم أيضا تكفير القول بالتأليه والتجسيم.
41
وكما يرتبط التوحيد بالعدل وحق الإنسان في أن يكون حرا وعاقلا، يرتبط التوحيد أيضا بالإمامة نتيجة للقول بألوهية الأئمة. وبالرغم من وجود أنماط سابقة في الديانات القديمة لتأليه الإنسان أو الطبيعة، كما هو الحال في اليهودية والمسيحية، أو في الديانات الشرقية في فارس والهند والصين، وبالرغم مما قد يكون وراء ذلك من نيات ومقاصد لإفساد العقيدة الجديدة، وبث الفرقة، وضياع القوة، والتشويش على التوحيد، فإن تأليه الإنسان أو الطبيعة إنما يخضع لظروف نفسية واجتماعية وسياسية محلية. ففي مجتمع الاضطهاد تسود العواطف والانفعالات العقل والرؤية، وتتشخص الألوهية في الإمام المنقذ المخلص، ويظهر حالا في كل شيء، في الإنسان وفي الطبيعة، في النفس وفي العالم. يتحول ظلم الإمام واستشهاده إلى نصره، ويؤدي النقيض إلى النقيض، وينقلب السلب إلى الإيجاب، من لا شيء إلى كل شيء، من النقص إلى العظمة، من العجز إلى القوة، ومن النصر إلى الهزيمة، ومن الإنكار إلى الإثبات. يحل الله في الإمام بعد أن رفض البشر الاعتراف به والانقياد به. وهو حي لم يقتل؛ فالحق باق لا يموت، وكل من اتصل به من ذرية أو أصحاب أو جماعة فإنه يكون مثله.
Unknown page