Min Caqida Ila Thawra Cadl
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Genres
ومع ذلك فإن اتفاق كفر الكافر مع مراد الله لا يعني أجره على ثواب الطاعة، بل يعني عقابه لسوء استخدام العقل والفعل الحر، وأن مراد الله يكون تابعا للفعل وليس سابقا عليه، والعلم به مسبقا لا يعني الاضطرار إليه.
45
وقد تكون الإرادة مجردة تهيئة المراد. ولكن حتى هذه التهيئة قد تدخل في الفعل الإنساني. وماذا لو حدث التدخل ثم جلب الفعل الإنساني الضرر لا النفع، وهو نفس معنى التخلية؟ فقد تكون التهيئة بمعنى أن الله خلى بينهم وبينها. والتخلية في الواقع إثبات الحرية أكثر من نفيها. ولكنها تفيد أيضا معنى عجز الإرادة المطلقة وتلغي دورها في الفعل، كما أنها تضع مشكلات أكثر منها مثل: كيف يخلي المؤله الموصوف بصفات الكمال بين الإنسان وبين الأفعال السلبية؟ كيف يسمح الكمال بالنقص، والخير بالشر، والحسن بالقبيح؟
46
وقد تعني الإرادة كراهة الله للفعل دون إتيانه، والقيام به بدلا عن الإنسان، هذا فيما يتعلق بالأوامر والنواهي، بالطاعات والمعاصي. أما فيما يتعلق بالمباح وما لا يدخل تحت التكليف من أفعال مثل أفعال المجانين أو الأطفال أو البهائم فلا تدخل تحت مرادات الله إرادة أو كراهية.
47
فالله غير مريد على الحقيقة، وإرادته إضافة أو سلب كما هو الحال عند الحكماء، سلب الكراهية وسلب العلية.
48
وقد لا تكون الإرادة هي الجبر بل الاختيار؛ فالمريد هو المختار وليس المجبر، أي أن العلاقة مع ذاته وليست مع غيره، العلاقة مع الذات اختيار ومع الآخر جبر، فلماذا تعطى أولوية العلاقة للغير على أولوية العلاقة بالذات؟
49
Unknown page