Min Caqida Ila Thawra Cadl
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
Genres
وتبقى الأفعال أيضا بعد الاستطاعة الأولى؛ إذ يكفي أن يقرر الإنسان شيئا وهو على فراش الموت ثم يبقى فعله بعده كما هو واضح في الوصية أو في آخر توجيهاته. لا يعني العجز أو الموت نهاية القدرة أو الاستطاعة بل يعني استمرارهما وفعلهما في الآخرين. لا يعني العجز والموت والعدم نهاية الفعل، بل يكشف عن استمرار الفعل عند الآخرين. خطأ الشبهة إذن ناتج عن تصور الفعل على أنه فردي خالص وعلى أنه فعل بدني ينتهي بانتهاء الفرد أو بعجز العضو وليس الأثر المعنوي عند الآخرين وفي التاريخ.
56
ولا يوجد واقع خارج عن بقاء الاستطاعة يؤثر فيه الإنسان إذا كان الواقع ممتدا تحت طاقة الإنسان وعلى مداها. أما الظواهر الطبيعية الصماء التي تخرج عن نطاق الفعل الإنساني ومدى الطاقة فهي تتبع نظام الطبيعة الثابت.
57
الفعل مرهون بالقدرة وحدها وليس بالمقدور عليه. إذا توفرت قدرة الكتابة فإنها لا تعني الكتابة على الهواء؛ لأن الفعل له ميدان تحققه الموضوعي وشروطه الموضوعية. كما أنه يتحقق بالقدرة وهي شرطه الذاتي مع الباعث والغاية. لا تزال الأفعال المتولدة أفعالا مقصودة مروية؛ فهي ليست مجرد أفعال آلية. ويظل أثر القدرة طالما تمثلتها أفعال بشرية مقصودة مروية. لا يقع الفعل بقوة معدومة بل بقوة موجودة مستمرة بعد الفاعل الأول.
58
ولا يعني بقاء القدرة في الحال الثاني أنها تبقى آليا من نفسها بل تتجدد القدرة بحيوية الباعث المستمرة وبالوضوح الفكري الدائم وبمثول الغاية. يوجد العلم والإرادة مع الموت وذلك بتبني الآخرين الأحياء لهذا العلم ولهذه الإرادة. ليس الفعل فعلا فرديا فحسب بل هو فعل جماعي.
59
ويجوز أن يبطل التولد إذا ما حدث العجز في الثاني أو الثالث. ودون ذلك تبقى الاستطاعة بلا قدرة متجددة. الفعل التام هو الذي يحدث في حال واحد دون أن يتخلله زمان. هو فعل تتزامن فيه القدرة والباعث والغاية والفكر وغياب الموانع. لا يوجد فعل غير مقدور عليه أو قدرة عاجزة. الفعل هو الفعل الواقع وإلا لما سمي فعلا.
60
Unknown page