52

Min balāghat al-Qurʾān fī al-taʿbīr biʾl-ghudū waʾl-āṣāl

من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال

Genres

وما كان كذلك كان أولى في التقديم وفي الحمل على معنى الصلاة مما قيل من أن معنى (زلفًا) قُرَبًا، فيكون حقه على هذا -كما في الكشاف- أن يعطف على الصلاة أي أقم الصلاة طرفي النهار وأقم الصلاة زلفًا من الليل، أي صلوات تتقرب بها إلى الله ﷿ كان واجبًا عليه ﷺ، أو العشاء والوتر على ما ذهب إليه أبوحنيفة، أو المجموع كما يقتضيه ظاهر الجمع، (١) إذ القول بأىٍّ من هذه الآراء لا يخلو عن كدر، وبخاصة مع ما نقله ابن كثير والشوكاني عن "الحسن فى رواية ابن المبارك عن مبارك بن فضالة عنه (وزلفًا من الليل) يعني المغرب والعشاء، قال رسول الله ﷺ: (هما زلفا الليل المغرب والعشاء) كذا قال مجاهد ومحمد بن كعب وقتادة والضحاك أنها صلاة المغرب والعشاء" (٢)، فضلًا عن أن تكرار التأدية لصلاتي المغرب والعشاء يمكن أن يتحقق معه معنى الجمع، ناهيك عما سبق ذكره أن آية هود وجلَّ ما جاء على شاكلتها مما تقدم، قد نزل بالمدينة، وهذا يتلائم معه ما ذكرنا.
ويأتي في معنى (زلفًا من الليل) قوله في آية طه: (ومن آناء الليل) إذ الآناء - وهو بوزن أفعال ومفرده (إني) و(أنو) بالياء والواو وكسر الهمزة، و(إنا) بالكسر والقصر- هو على ما ترجح "وقتا المغرب والعشاء" (٣) قال الراغب في مفرداته: "قال الله تعالى: (غير ناظرين إناه.. الأحزاب/٥٣) أى وقته" (٤) .

(١) ينظر الآلوسي ١٢/٢٣٤ مجلد ٧ والكشاف٢/٢٩٧ وحاشية الشهاب ٥/٢٤٨، وابن كثير ٣/١٧٥.
(٢) تفسير ابن كثير ٢/٤٧٣ وفتح القدير ٢/٥٣٢.
(٣) التحرير ١٦/٣٣٨ مجلد ٨.
(٤) المفردات في غريب القرآن ص ٢٩.

1 / 52