84

المسألة الخامسة: كيفية التعامل مع الأدلة الشرعية وإيضاح

شروطها وبيان بطلان بعض قواعد المنطق وشبهات الفلاسفة

المسألة الخامسة: في ذكر الأدلة وشروط الاستدلال بها

اعلم أنه يمتنع ثبوت ما لا دليل عليه، ومن ادعى شيئا من ذلك وجب نفيه والقطع ببطلانه، إذ لو جوزنا ثبوته مع عدم الدليل لأدى إلى القدح في الضروريات والاستدلاليات، وفتح باب الجهالات وزوال الثقة بالمشاهدات، أما الضروريات فلأنه إذا زالت الثقة بالمشاهد جوزنا كون الخردلة كالجبل، وكون رأس الآدمي المشاهد كرأس الحمار، وكون الحي ميتا والعكس.

وأما الاستدلاليات فلأنا نجوز حصول شبه قادحة للخصم لا طريق إلى العلم بها فلا يولد النظر العلم بشيء قط إذ النظر يقف في توليده على العلم بالدليل، وتجويزه للقادح يدعو إلى التجويز الذي لا يجامع العلم فيتغير علمه بالدليل ويزول، فلا يولد النظر فيه العلم بالمدلول، وأيضا يلزم أن لا يصح قياس الغائب على الشاهد لتجويز أن يكون حاجة أفعالنا إلينا لا لحدوثها، بل لغير ذلك فلا يحتاج العالم إلى محدث، ويلزم أن لا نقطع باستناد فعل إلى فاعله لجواز أن يكون الفاعل غيره فتزول أحكام الأفعال من مدح وذم وغيرهما، هذا في العقليات، وأما السمعيات فإن كان المدعي يدعي ثبوت ما يعم التكليف به كصلاة سادسة وثبوت حج بيت آخر وجب القطع ببطلان دعواه؛ إذ لو كان لاشتهر وعلم به المكلفون، وإلا لزم تكليف من لا يعلم والمعاقبة على الإخلال به وذلك قبيح، وإن لم يكن مما يعم به التكليف وجب الوقف فلا يقطع بعدم الدليل عليه فيكون باطلا، ولا بوجوده فيكون صحيحا حتى يظهر الدليل وعدمه بعد البحث في مظان وجوده.

فإن قلت: ما الفرق بين العقليات والسمعيات على هذا التفصيل؟

Page 84