83

وحديث: ((من قال في القرآن بغير علم )) صريح فيما قلنا، وكذلك حديث جندب؛ إذ لا يكون مخطئا مع الإصابة إلا إذا كانت إصابته للحق تبخيتا، وقد تكلم العلماء في بيان الرأي المنهي عنه، وحاصل ما قالوه إن ذلك إنما ورد في حق من يتأول القرآن على مراد نفسه وما هو تابع لهواه، وهذا لا يخلو إما أن يكون عن علم أو لا.

فالأول: كمن يحتج ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته وهو يعلم أن المراد من الآية غير ذلك، لكن غرضه أن يلبس على خصمه بما يقوي حجته على بدعته كما يستعمله الباطنية والخوارج، وغيرهم من أهل البدع والمقاصد الفاسدة ليغروا بذلك الناس.

والثاني: نحو أن تكون الآية محتملة لمعان فيفسرها بغير ما تحتمله من تلك المعاني، فهذان القسمان مذمومان، وكلاهما داخلان في النهي والوعيد، فأما التأويل وهو صرف الآية على طريقة الاستنباط إلى معنى يليق بها محتمل لما قبلها، وما بعدها، وغير مخالف للكتاب والسنة فقد رخص فيه أهل العلم؛ لأن الصحابة قد فسروا القرآن واختلفوا في تفسيره على وجوه، وليس كلما قالوه سمعوه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن على قدر ما فهموا، وهذا معنى ما تقدم.

Page 83