228

وأما الدليل العقلي الذي أبديتموه فمعارض بأن الوسوسة إنما تعرض في أثناء القراءة بدليل قوله تعالى: {إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته }[الحج:52 ] فكان تقديم الاستعاذة على القراءة لتذهب تلك الوسوسة أولى من تأخيرها، على أن تقديمها يتناول ما وقع من الوسوسة عند القراءة، وما وقع بعدها من العجب ونحوه، فكان التقديم أكثر فائدة. والله أعلم.

قال (الرازي): وأقول هاهنا قول ثالث، وهو: أنه يقرأ الاستعاذة قبل القراءة بمقتضى الخبر، وبعدها بمقتضى القرآن جمعا بين الدليلين بقدر الإمكان.

المسألة الثانية [شرعية الاستعاذة وحكمها]

دلت الآية على أن التعوذ مشروع للقارئ سواء كان في الصلاة أم في غيرها، واختلف العلماء في حكمه، فقال الجمهور: هو سنة في الصلاة وغيرها، فلو تركه المصلي لم تبطل صلاته سواء تركه عمدا أو سهوا، وقال عطاء: بل واجب في الصلاة وغيرها، وقال ابن سيرين: إذا تعوذ الرجل في عمره مرة واحدة كفى في إسقاط الوجوب، وظاهر كلام الرازي ترجيح قول عطاء لظاهر الآية؛ ومواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الاستعاذة.

Page 228