Midhanat Jamic Abyad
مئذنة الجامع الأبيض في الرملة
Genres
ومن أعماله الغريبة في سلطنته هذه الثانية رسمه لليهود بأن يلبسوا عمائم صفراء، والنصارى زرقاء، والسامرة حمراء، مما ترى آثاره باقية إلى الآن عند بعض الطوائف، ثم عاد للسلطنة مرة ثالثة سنة 709ه/1309م، وحكم إلى أن توفاه الله سنة 741ه/1340م. ولم يذكر لنا التاريخ عمارته لهذه المئذنة إلا أنه ذكر لنا قدومه من مصر إلى غزة، ومنها لزيارة بيت المقدس ومدينة الخليل عليه السلام في سنة 717ه/1317م أي قبل سنة من إتمامها، فترجح معنا أنه عرج على الرملة، وهو في طريقه، وقد كانت إذ ذاك من الولايات الصغار بها جندي،
106
ورأى جامعها الشهير ومنارته فأمر بإنشائهما، وتم له ما أراد بعد انقضاء عام واحد.
ولو ظل الجامع قائما إلى الآن لعثرنا على ما يؤيد هذا الظن والتخمين. وقد ذكر المؤرخون:
107
أنه في تلك السنة وسع جامع القلعة في القاهرة، وأنشأ به المئذنة الخضراء، أما عمارته للمساجد والقناطر والجسور وغيرها، فقد أجمعوا على أنها تزايدت في أيامه مقدار النصف سواء في الديار المصرية أو في البلاد الشامية.
ومع أننا لم نتحقق اسم المعلم الذي بنى هذه المئذنة البديعة المعدودة من المفردات التي لا نظير لها، فلا نعدم وسيلة تاريخية تبعث بنا إلى الظن بأن المعلم ابن السيوفي رئيس المهندسين في الأيام الناصرية هو الذي أنشأها؛ لأن هذا المهندس الفذ هو أول من بنى مئذنة بالحجر في المدرسة الأقبغاوية في القاهرة بعد المئذنة المنصورية
108
التي أنشئت في زمن الملك المنصور السلطان الشهيد قلاوون الألفي الصالحي والد السلطان الملك الناصر، وقد كانت المآذن قبل ذلك تبنى بالآجر.
والمئذنة مبنية بالحجر النحيت، مربعة الشكل ذات خمسة طوابق، طولها من قاعدتها 25 مترا و63 سنتيمترا، وطول القاعدة وحدها متر واحد و15 سنتيمترا، ويصعد إليها بسلم عدد درجاته 125 درجة منها 95 درجة كبيرة، وعلى رأس الدرجة الخامسة عشرة والدرجة الأربعين والخامسة والخمسين، أي الطوابق الثلاثة، شبه غرفة صغيرة لها باب ونوافذ يدار به من حولها، وربما كانت هذه الغرف أقيمت لتماسك البناء وتقويته بعضه ببعض أو جعلت لتكون مقاما للمؤذنين في الليل أو لأخذهم نصيبا من الراحة في صعودهم إليها في النهار، ومن الأدراج خمس عشرة في الطابق الرابع وخمس وعشرون في الخامس و25 درجة صغيرة، حيث تضيق أطراف المئذنة في أعلاها، وفي كل جانب من الطوابق الثلاثة الأولى نافذة، وفي كل من الطابقين الأخيرين ثلاث نوافذ جميلة مزينة أطرافها بأعمدة صغيرة من الرخام بديعة الصنع، وناصية المئذنة وبابها الجميل متجهان إلى القبلة تلقاء المسجد، وكذلك أجمل نوافذها فإنها في الجانب القبلي، ويرى الناظر من أعلى المئذنة منظرا شائقا جميلا على سهول فسيحة.
Unknown page