فقال لها الزبير: مهلا يرحمك الله، يراك الناس والمسلمون فيصلح الله ذات بينهم.
وقال طلحة: ليس هذا بحين رجوع.
ثم جاء عبد الله بن الزبير، فقال: ليس هذا ماء الحوأب، وحلف لها على ذلك، قالت: وهل من شاهد يشهد على أن هذا ليس ماء الحوأب؟ فأقاموا خمسين رجلا من الأعراب يشهدون أنه ليس ماء الحوأب، وجعلوا لهم جعلا، وكانت أول شهادة زور أقيمت في الإسلام (1).
فليعتبر من به حيوة، وليذكر من كان له قلب!! واعلموا أن مثل هذه الأخبار لا تكون مفتعلة، وكيف أفتعل مثل هذه الأخبار في عائشة ولم يفتعل مثلها في علي [وإنما مهدنا ذلك] لتعلموا أنه لو كان سبيلها التخرص والتقول لجاز لمن خالفه عليه مثلها، وهذه روايتكم لا تدفعونها/ 15/ والكذب من علي والمهاجرين والأنصار أبعد، ومن الأعراب والطغام، وجند المرأة أقرب.
يقول علي رضي الله عنه وهو بالمدينة: «ستنبحها كلاب الحوأب» وتقول هي- لما رأت الماء ونبحتها كلاب الحوأب-: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم» [وذكرت] ما ذكرناه آنفا، [ثم قالت]: «ثم دعا بعلي فناجاه».
هل يكون بيان أوضح [من هذا] من أن عليا لم يقدم ولم يحجم، ولم يقل، ولم يسكت إلا بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم قوله: «لئن ظفرا بالأمر- يعني الزبير وطلحة- ليضربن بعضهم بعضا (2).
وقد كان من تشاحهما على الصلاة وقتالهما عليها ما يحقق قوله رضي الله عنه.
Page 56