Micraj Ila Kashf Asrar
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Genres
قوله: (فمعناه في أحد قولي أبي علي كثرة علومه كقولهم أقدر) يعني فإنه يفيد كثرة قدرة لا أنه يفيد أنه يقدر على ما يقدر عليه الآخر وما لا يقدر عليه مقدور بين قادرين محال ولا يرجع به إلى أن مقدور أنه أكثر؛ لأن القدرة الواحدة تتعلق بما لا يتناهى فمن صار قادرا بقدرة واحدة فمقدوراته لا تتناهى، كما أن مقدورات من قبل فيه أنه أقدر لا يتناهى إلا إذا قتل في حق الله تعالى، فالمراد كثرة مقدوراته؛ إذ ليس قادرا بقدرة، وهو تقدر بين الأجناس على ما لا يقدر عليه غيره، فالمراد كثرة مقدوراته قطعا، ويصح أن يقصد في قولنا: زيد أقدر من عمرو، أن مقدوراته أكثر، بمعنى أنه يصح أن يفعل في الوقت الواحد أكثر مما يفعله عمرو.
واعلم أن هذا هو القول الأول لأبي علي، فلما رأى أن أحد العالمين إذا علم الشيء بعلم واحد ضرورة أو استدلالا، وعلمه الآخر بعلوم كثيرة لا تأثير لهذه الزيادة في كونه أعلم، رجع به إلى كثرة معلوماته ومما يوضح ذلك أن أحدنا إذا علم شيئا بعسرة علوم وعلمه الآخر وغيره بعلمين، كان هذا علم من ذلك مع أن ذلك أكثر علوما، وقد أبطل قوله الثاني بأن أفعل للتفضيل، فلو علم أحدنا عشرة معلومات وعلم الآخر تسعة معلومات غير تلك المعلومات لم يصح وصف الأول بأنه أعلم وإن كانت معلوماته أكثر فيكون الأولى ما قاله أبو هاشم.
Page 116