Micraj Ila Kashf Asrar
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Genres
قوله: (والشك والسهو ليسا بمعنيين) يعني فلا يقال: إنه إنما يخرج عن العلم إليهما وهما ضدان أو إلى الجهل الذي هو ضده بالاتفاق؛ لأن الشك والسهو ليسا معنيين، فضلا عن ان يكونا ضدين للعلم، واعلم أن هذه مسألة خلاف، فذهب أبو هاشم ومن بعده إلى الشك ليس بمعنى، ومن هاهنا يتضح الحجة على أبي هاشم، قال الحاكم، وقد كان يذهب إلى أنه معنى، ثم رجع وقال أبو علي هو معنى تضادا لعلم، وبه قال أبو القاسم: حجة الأولين أن المرجع بالشك إلى حظور أمر .... مع خلوه عن الظن والاعتقاد، إذ لو كان غير ذلك لصح حصوله من دون ما ذكرنا أو حصوله ما ذكرنا من دونه، لكنه يقال له: وما هذا الحظور، فإنه عين ما جعله المخالف معنى، واعلم أن حاصل كلام الجمهور أن الشك استواء طرفي التجويز، فإذا كان مجوزا لأمرين على سواء فلم يغلب هذا ولا هذا، فهو شاك، وقد ذكر المصنف في العقد أن الظن رجوح أحد المحوزين ظاهري التجويز عند المجوز واستواؤهما شك والمرجوح، وهم وهكذا ذكره غيره، فأما ابن مثوبة فإنه مع بغيه لكونه معنى جعله مترتبا على التجويز، ويلزمه على ظاهر عبارته إتيانه معنى إذا كان غيرا للتجويز، ولاستوائه في الطرفين، والصحيح أنه الوقف عند اعتدال طرفي التجويز، وأما السهو فذهب الشيخ أبو إسحاق بن عباس والقاضي وهو الذي صححه المتأخرون أن السهو ليس بمعنى؛ إذ لا يوجد من النفس ولا يجد حاله أو حكما يستدل به عليه، وإنما هوزوال العلم بالأمور التي جرت العادة بأن تعلم كالمدركات ونحوها، فأما من لا يعلم عدد الرمل وقطر المطر فلا يقال: سهى عنه أو لم تجر العادة بالعلم به، قالوا: فإن قوع عقيب العلم فهو نسيان، وإن قارنه طرب ونشاط فهو سكر، وإن قارنه استرخاء واستراحة فهو نوم، وإن قارنه مرض فهو إغماء، وقال أبو علي وأبو هاشم وأبو القاسم وأبو عبد الله هو معنى تضاد العلم، ولأبي هاشم قول آخر وهو أنه فساد يلحق القلب، ثم اختلف القائلون بأنه معنى فقال الشيخان ليس بمقدور لنا وظاهر كلام أبي القاسم أنه مقدور لنا لجعله السكر من فعلنا متولدا عن الشرب، واختلف كلام أبي عبد الله فتارة يجعله مقدورا لنا وتارة يمنع من ذلك.
قوله: (وبعد فلو بقيت العلوم ملا احتاج أحدنا إلى تكرار الدرس) يعني لأنه أول ما يقرأ الشيء دفعة واحدة ، يعلمه وكذلك إذا سمعه من غيره مع أنا نعلم أنه لا يحفظه ولا يثبت علمه به إلا بعد أن تكرره مرارا كثيرة في الأغلب.
قوله: (ولوجب فيمن يسمع شيئا أن يحفظه ولا يزول عنه الحفظ) ينقسم فقد يكون حفظا لنظم أو نثر وهو علمه بكيفته ترتيب الألفاظ والحروف ولا شك أنه في حال ما سمعه يحصل له ذلك العلم، فكان يحب ألا نزول وحفظا لما ينفع وينفق من الأمور، وهو كعلمه بوقوع أمر خبر به على كيفية يحصل عليها العلم.
فصل
قد يحتاج العلم إلى العلم.
قوله: (إما لكونه أصلا له كاحتياج العلم بالحال إلى العلم بالذات إلى آخره) اعلم أنه لا فرق في هذه القضية بين العلم وسائر الاعتقادات، فإن اعتقاد المعتقد جهلا أو تقليد الصفة يحتاج إلى العلم بحلية، وكذلك حلي الحساب ودقيقه، والمعنى أنه لا يمكن من لا يعلم حلي الكلام أن يعلم خفيه ولا يشارك الاعتقاد هنا العلم؛ لأه يمكن أن يعتقد خفي الحساب وإن لم يعلم ولا يعتقد حليه.
قوله: (وأما لكونه طريقا إليه الطريق هاهنا بمعنى الدليل) ولهذا لا يدخل هنا لاعلم الضروري.
قوله: ( ولهذا يصح أن يخلق الله فينا علما ضروريا نكونه موجودا، وإن لم يعلم كونه قادرا.
Page 105