Al-Miʿrāj ilā Kashf Asrār al-Minhāj
المعراج إلى كشف أسرار المنهاج
Genres
قوله: (وكذلك قولهم علمت شيئا معدوما) يعني ظاهره يقتضي الرجوع إلى شيء معين ومما يمكن الاستدلال به لصحة مذهب المثبتين أنا إذا أردنا إيجاد شيء فإرادتنا متعلقة ولابد من تعلقها بأمر متميز عن غيره يقتضي ثبوته في تلك الحال.
واعلم أن للنافين حججا وقد ذكرها الإمام يحيى في التمهيد وغيره، فمنها: إن قالوا أن الذوات المعدومة إما أن تكون متناهية أو غير متناهية إن قلتم هي متناهية لزمكم أن تكون مقدورات الباري تعالى متناهية ثم أنه لاقدر يصح الوقوف عليه من ذلك، وإن قلتم غير متناهية فغير متأت لكم لأن الله تعالى لما خلق العالم لم يكن بد من أن تكون الجواهر المعدومة أقل مما كانت فإنا لو صممنا حمله من الذوات إلى جملة أخرى لكان حال تلك الجملة مع غيرها ليس كحالها بانفرادها بل لابد من ظهور التفاوت في زيادتها ونقصانها وكل ما دخلته الزيادة والنقصان فهو مبناه وهذه حجة قوية لايمكن دفعها إلا بما لايخلو عن تكلف كان يبجي الجمهور بأني قولوا بل هي غير متناهية ولانسلم أن يخلق العالم ينتقص الجواهر المعدومة لما ذكرته من أن ما لايتناهى لايدخله الزيادة والنقصان والمثال الذي أوردته إنما يتصور ويصح بضم جملة إلى جملة فيما يتناهى وكلامنا فيما لايتناهى، فإن فرضت الكلام فيه لم يسلم ما ذكرته وفيه نظر.
Page 271