172

Al-Miʿrāj ilā Kashf Asrār al-Minhāj

المعراج إلى كشف أسرار المنهاج

Genres

Qur’an

اعلم أن الأسباب الصارفة عن الخوض في هذا أن العلم والتشاغل بالنظر والتفكر كثيرة وقد ذكرها الحاكم، فمنها: ما ذكره المصنف من إيثار الدعة واللذة والتشاغل باللذات. قال الحاكم: وهذه عادة كثير من الناس وذلك مما لايخفى فساده لن صلاح أمر الدنيا لايحصل مع تلك الآفات فكيف الثواب، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: < حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات>.

ومنها: التقليد وقد ذكره المصنف.

واعلم أن التقليد الذي يصرف عن النظر والتفكر والبحث والتأمل والعلاج السديد في إدراك الحق ووجدانه على ضربين، أحدهما: تقليد الآباء والنشو على مذهبهم وموافقة أهل بلده وجهته. قال الحاكم: لأنه إذا اعتاد ذلك واستمر عليه يتعذر عليه مفارقته ولهذا قالوا: {إنا وجدنا آباءنا على أمة}.

وثانيهما: أن يشاهد أكثر الناس على مذهب فيعتقد أنه الحق لذهاب الأكثر إليه فيستكفي بذلك عن النظر المستلزم للمشقة ولاينظر إلى قوله تعالى: {بل أكثرهم لايعلمون} {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك} {وقليل من عبادي الشكور}، وقول أمير المؤمنين عليه السلام: < الحق لايعرف بالرجال > الخبر.

ومنها: أن النظر في الأدلة والخوض في ذلك قد يؤدي إلى زندقة وفساد في الدين فيجعل ذلك سببا للامتناع عنه. قال الحاكم على ما يعتقده بعض المتفقهة وهو غلط فأحسن لأنه لو كان كذلك لكان الله تعالى لايدعو عباده إلى النظر.

ومنها: أن يكون له رئاسة أو يؤمل ذلك وخاف فوته إن تشاغل بالنظر وخاض في الكلام فيعدل عنه إلى غيره من العلوم والآداب. قال الحاكم: وهذه آفة اكثر المتفقهة لأنهم يؤملوا نيل رئاسة يخافون فوتها إن خاضوا في الكلام ولذلك ترى كثيراص منهم يعدل عنه مع البصيرة بأنه واجب حتى يتعلم سرا أو يظهر خلافه جهرا وما عليه أصحاب الحديث من أنهم لو خاضوا في علم الكلام لفارقوا طريقة السلف، ولذلك تراهم يحتجون بقول فلان وفلان ويعدلون عن الحجج.

Page 192