Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
Publisher
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Publisher Location
https
Genres
في «الكتاب الفاخر» فيما ذكره ابن بطَّال وغيره عن بعض الناس: يجوز أن يفتتح الظهر قبل الزوال. وقال شمس الأئمَّة في «المبسوط»: لا خلاف أنَّ أوَّل وقت الظُّهر يدخل بزوال الشَّمس إلَّا شيء نقل عن بعض النَّاس إنَّه يدخل إذا صار الفيء بقدر السِّراج، وصلاة النَّبِيِّ ﷺ حين زاغت الشَّمس دليل على أنَّ ذلك من وقتها.
قوله: (فَلْيَسْأَلْ) أي فليسألني عنه.
قوله: (فَلَا تَسْأَلُونِي) بلفظ النَّفي، وحذف نون الوقاية منه جائز.
قوله: (إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ) أي إلَّا أخبركم، فاستعمل الماضي موضع المستقبل إشارةً إلى تحققه وإنَّه كالواقع، وقال المُهَلَّب: إنَّما خطب النَّبِيُّ ﷺ بعد الصَّلاة وقال: سلوني؛ لأنَّه بلغه أن قومًا من المنافقين يسألون منه ويعجزونه عن بعض ما يسألونه فتغيَّظ وقال: لا تسألوني عن شيء إلَّا أنبأتكم به.
قوله: (وَأَكْثَرَ النَّاس في البُكَاءِ) إنَّما كان بكاؤهم خوفًا من نزول عذاب لغضبه ﵇ كما كان ينزل على الأمم عند ردِّهم على أنبيائهم ﵈، والبكاء يُمدُّ ويُقصر، إذا مددت أردت الصَّوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها.
قوله: (وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُوْلَ) وكلمة أن مصدرية تقديره: وأكثر ﵇ القولَ بقوله: (سَلُوْنِي)، وأصله: اسألوني، فنقلت حركة الهمزة إلى السين فحذفت، واستغني عن همزة الوصل فقيل: سلوني على وزن فلوني.
قوله: (فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بنُ حُذَافَةَ) قال الواقدي: إن عبد الله بن حذافة كان يُطعن في نسبه، فأراد أن يُبين له ذلك فقالت له أمُّه: أما خشيت أن أكون قد قارفت بعض ما كان يُصنع في الجاهليَّة أكنتَ فاضحي عند رسول الله ﷺ؟! فقال: والله لو ألحقني بعبد للحقت به.
قلت: ترجمة عبد الله بن حُذَافة في باب ما يذكر في المناولة في كتاب العلم. انتهى.
قوله: (آنِفًا) أي في أوَّل وقت يقرب منِّي، ومعناه هنا: الآن، وانتصابه على الظرفيَّة لأنَّه متضمِّن معنى الظَّرف.
قوله: (فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ) -بضمِّ العين المهملة- يقال: عُرض الشيء بالضمِّ ناحيتُه من أيِّ وجه جئته، وقال شيخنا: أي جانبه أو وسطه.
قوله: (فَلَمْ أَرَ كَالخَيْرِ) أي ما أبصرت قط مثل هذا الخير الذي هو الجنَّة وهذا الشرُّ الذي هو النَّار، أو ما أبصرت شيئًا مثل الطاعة والمعصية في سبب دخول الجنَّة والنَّار، وقال شيخنا: كالخير والشرِّ، أي المرئي في ذلك المقام.
٥٤١ - قوله: (حَدَّثَنَا حَفْص بنُ عُمَرَ) أي ابن غياث.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي ابن الحجَّاج.
قوله: (عَنْ أَبِي المِنْهَالِ) -أي بكسر الميم وسكون النون- واسمه سيَّار بن سلامة الرياحي -بكسر الرَّاء وتخفيف الياء آخر الحروف وبالحاء المهملة- البصري.
قوله: (عَنْ أَبِي بَرْزَةَ) أي -بفتح الباء الموحَّدة وسكون الرَّاء ثمَّ بالزاي- الأَسْلَمي، واسمه نَضْلَة -بفتح النُّون وسكون الضَّاد المعجمة- ابن عُبَيْد مصغَّر، أسلَّم قديمًا وشهد فتح مكَّة، ولم يزل يغزو مع رسول الله ﷺ حتَّى قُبض، فتحوَّل ونزل البصرة، ثمَّ غزا خراسان، ومات بمرو أو بالبصرة أو بمفازة سجستان سنة أربع وستين، روى له البخاري أربعة أحاديث.
في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة
في موضعين، وفيه القول، وفي رواية الكُشْمِيهَني: <حَدَّثنا أَبُو المِنْهَالِ>، وفيه أنَّ رواته ما بين بصري وواسطي، قال العَيني: ويجوز أن يقال: كلُّهم بصريون؛ لأنَّ شُعْبَة وإن كان من واسط فقد سكن البصرة ونُسب إليها.
قوله: (قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي الصُّبح وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيْسَهُ، وَيَقْرَأُ فِيْهَا مَا بَيْنَ السِّتِّيْنَ إِلَى المَائَةِ، وَيُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى المَدِيْنَةِ وَيَرجِعُ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيْتُ مَا قَالَ فِي المَغْرِبِ، وَلَا يُبَالِي بِتَأَخِيْرِ العِشَاءِ إِلى ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثمَّ قَالَ: إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، وكَانَ يَكْرَهُ النَّوم قَبْلَهَا وَالحَدِيْثَ بَعَدَهَا، وَقَالَ مُعَاذٌ: قَالَ شُعْبَةُ: ثمَّ لَقِيْتُهُ مَرَّةً فَقَالَ: أَوْ ثُلُثَ اللَّيْلِ). مطابقته للترجمة في قوله: (وَيصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ).
هذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا عن آدم بن أبي إِياس عن شُعْبَة، وعن محمَّد بن مُقاتل عن عبد الله، وعن مُسَدَّد عن يحيى كلاهما عن عَوْف نحوه، وأخرجه مسلم فيه عن يحيى بن حبيب وعن عُبَيْد الله بن معاذ عن أبيه كلاهما عن شعبة، وعن أبي كُرَيب عن سُوَيد بن عَمْرو الكلبي، وأخرجه أبو داود فيه عن حفض بن عُمَر بتمامه وفي موضع آخر ببعضه، وأخرجه النَّسائي فيه عن محمَّد بن عبد الأعلى وعن محمَّد بن بشَّار وعن سُوَيد بن نَصْر، وأخرجه ابن ماجَهْ فيه عن محمَّد بن بشَّار بُنْدار به.
قوله: (وَأَحَدُنَا) الواو فيه للحال.
قوله: (جَلِيْسَهُ) الجليس على وزن فعيل بمعنى المجالس، وأراد به الذي إلى جنبه، وفي رواية الجَوْزَقي من طريق وَهْب بن جرير عن شُعْبَة: «فينظرُ الرجلُ إلى جليسِهِ إلى جنبِهِ فيعرفُ وجهَهُ»، وفي رواية أحمد: «فينصرفُ الرجلُ فيعرفُ وجهَ جليسِهِ»، وفي رواية لمسلم: «فينظرُ إلى وجهِ جليسِه الذي يعرفُ فيعرفُهُ»، وله في أخرى: «وينصرفُ حينَ يعرفُ بعضُنا وجهَ بعضٍ».
قوله: (مَا بَيْنَ السِّتِّيْنَ إِلَى المائَةِ) يعني: من آيات القرآن الكريم، قال الكِرْماني: فإن قلت: لفظ (بَيْنَ) يقتضي دخوله على متعدد، فكان القياس أن يقال: والمائة، بدون حرف الانتهاء، قلت: تقديره ما بين الستين وفوقها إلى المائة، فحذف لفظ فوقها لدلالة الكلام عليه.
قوله: (وَالعَصْرَ) بالنَّصب، أي ويصلِّي العصر، والواو في (وَأَحَدُنَا) للحال.
قوله: (إِلَى أَقْصَى المَدِيْنَةِ) أي إلى آخرها.
قوله: (رَجَعَ) كذا وَقَعَ بلفظ الماضي بدون الواو، في رواية أبي ذرٍّ والأَصِيلي وفي رواية غيرهما: <وَيَرْجِعُ> بواو العطف وصيغة المضارع، وعليها شرح الخطَّابي، ومحلُّه الرَّفع على أنَّه خبر للمبتدأ الذي هو قوله: (وَأَحَدُنَا) فعلى هذا يكون لفظ (يَذْهَبُ) حالًا بمعنى ذاهبًا، ويجوز أن يكون (يَذْهَبُ) في محلِّ الرَّفع على أنَّه خبر لقوله: (أَحَدُنَا) وقوله: (رَجَعَ) يكون في محلِّ النَّصب على الحال، وقَدْ فيه مقدَّرة؛ لأن الجملة الفعليَّة الماضية إذا وقعت حالًا فلا بدَّ فيها من كلمةِ قَدْ إما ظاهرة وإما مقدَّرة كما في قوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءُوْكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ [النساء: ٩٠] أي قد حصرت، ولكن تكون حالًا منتظرة مقدَّرة والتقدير: وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة حال كونه مُقدرًا الرجوع إليها والحالُ أنَّ الشَّمس حيَّة.
وقال شيخنا: يحتمل أن تكون الواو في قوله: (وَأَحَدُنَا) بمعنى ثمَّ على قول من قال: إنَّها ترد للترتيب
1 / 56