Mawsucat Misr Qadima
موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
Genres
29
مقاضاة الأشراف
لقد تكونت في البلاد طبقة من المقربين لدى الملك وهم كهنة إقامة شعائره، مما أوجد رابطة متبادلة بينهم وبين الملك، وكانوا يلقبون «بالمقربين» له. وقد كان المقرب يأخذ على نفسه أن يقوم بالاحتفال بشعائر الملك وأن يكون له بمثابة الكاهن لإلهه. وقد كان الملك مقابل ذلك يسبغ عليه نعمة تكون إما «دخلا» أو أرضا، ويعطيه امتياز دفن جثته في الجبانة الملكية، وهذا الإنعام الأخير كان يكسبه مشاطرة أبدية الفرعون في مملكة الآلهة الأخيرة. وفي عهد الأسرة الخامسة أصبحت طائفة «المقربين» وراثية، وكونوا طبقة اجتماعية جديدة قائمة بذاتها تتمتع بأحكام قانونية خاصة بهم، أخذت تنمو بعيدة عن القانون العام بامتيازاتها الخاصة. ومنذ حكم الملك «نفر إر كا رع» ثالث ملوك الأسرة الخامسة، كانت هذه الطائفة الوراثية تتمتع بمحكمة منفردة اختصاصها الحكم في المنازعات التي يمكن أن تنتج من وظيفة المقربين، فمن ذلك أن خرق الالتزامات التي قد تعاقد عليها «مقرب» مع كهنة وقفه، كانت تفصل فيه هذه المحكمة الخاصة. وكان يرأس هذه المحكمة الملك نفسه، الإله العظيم «نتر عا» يحيط به مستشارون يلقبون «رؤساء أسرار التحقيق الإلهي» ، وهم مقربون عظام وكانت مأموريتهم تنحصر في مساعدة الملك عندما يحاكم أندادهم. والواقع أن هذه المحكمة وقد نشأت من إجراءات التحكيم كانت، أحيانا توقع عقابات صارمة مستندة إلى القانون العام مما يزكي إنشاءها، إذ لا نزاع في أنه كان من اختصاصها أن تنتزع من المقرب الخائن كل ما يربحه من وظيفة المقرب.
والواقع أنه بعد عهد الأسرة السادسة بقليل نجد مرسوم الملك «دمز با تاوي» يهدد الموظفين الذين يعتدون على الضياع التي كان يملكها ال«خنت شي» وهم أهم المقربين للملك، بأن يحرمهم كل الامتيازات التي كان يتمتع بها المقرب، أو ينتزع منهم أبديا إمكان حصولهم على لقب مقرب لدى الملك، ويمكن القول بأن عقوبات محكمة الإله العظيم التي كانت توقعها منذ البداية تشمل نزع ممتلكات الشخص بصفته مقربا ومنعه من الدفن في الجباية الملكية.
30
على أن كل هذا النظام القضائي العظيم أخذ يتدهور شيئا فشيئا خلال عهد الأسرة السادسة حتى أصبح يكاد يكون منعدما، ولم يبق أحد بجوار الملك في يده السلطة المدنية متجمعة إلا الوزير الذي كانت تزداد قوته وتنمو، ولكن كل هذه كانت مظاهر اسمية إذ إن البلاد في هذا العهد كانت مقسمة إلى ولايات مستقلة ليس للملك عليها سلطان إلا الاسم.
جزء من تمثال لقاض يحمل قلادة وسطها رمز آلهة العدل «معات»، وكان كبير القضاة في مصر يلبس صورة من اللازورد تمثل الآلهة معات «آلهة العدل»، وكان من عادته أن يدير رمز العدالة هذا نحو المحق عند النطق بالحكم. ويوجد ثلاثة تماثيل صغيرة من هذا النوع في متحف برلين.
31
هوامش
الفصل الخامس
Unknown page