الصبر واجب لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} [آل عمران: 200]، وصيغة المصابرة تفيد مفاعلة من جانبين، والمعنى هنا مغالبة الأعداء في الصبر، وذلك أننا إذا كنا نصبر على حقنا، فإن المشركين يصبرون على باطلهم، فلابد أن نغلبهم بصبرنا، وأن يكون صبرنا آكد وأقوى، ولذا حكى القرآن عن المشركين استمساكهم بالصبر على ضلالهم وشركهم وتواصيهم بذلك: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد} [ص: 6] فالصبر مع نفسك، والمصابرة: بينك وبين عدوك، والمرابطة: الثبات وإعداد العدة. وكما أن الرباط لزوم الثغر لئلا يهجم منه العدو فكذلك الرباط أيضا، لزوم ثغر القلب، لئلا يهجم منه الشيطان فيملكه أو يخربه.
عجبا لك
عن أبي يحيى صهيب بن سنان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" [رواه مسلم].
اتقي الله
عن أنس قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة تبكي عند قبر فقال:"اتقي الله واصبري" فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه فقيل لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك، فقال: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" [متفق عليه].
امرأة من أهل الجنة
عن عطاء بن أبي رباح: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي- صلى الله عليه وسلم -فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله تعالى لي قال:"إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك" فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها. [متفق عليه].
بشرى
عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" [متفق عليه].
وعن ابن مسعود قال: دخلت على النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا قال: "أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم" قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: "أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته، وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها" [متفق عليه].
Page 33